Wednesday, October 8, 2014

رحلات محرمة - الرحالة دومنجو باديا ليبليخ


ولد الاسباني دومنجو باديا ليبليخ عام ١٧٦٦ ميلادية و اتقن ٢٧ لغة منها العربية، درس الطب و الفلك و علم المعادن 

قرر ليبليخ زيارة البلاد الاسلامية للتعرف على عاداتها و تقاليدها، و انتحل اسم علي باي العباسي 

احاط الغموض شخصيته، منهم من قال انه جاسوس للامبراطور نابليون الذي كان يطمع في التوسع في الشرق الاسلامي

منهم من قال انه جاسوس لملك اسبانياو الارجح انه كان عميلا لفرنسا، حيث ان نابليون استقبله مرارا و يصرف لعاذلته من المال الفرنسي

غادر عام ١٨٠٣ الى طنجة وحظي بلقاء امير المؤمنين في المغرب واهداه بنادق بحرابها وطلب منه ان يتزوج حيث لا يحظى العزاب بالاحترام

رد ليبليخ بانه اقسم ان لا يتزوج حتى يزور مكة، غادر بعدها ليبليخ الى طرابلس و منها الى قبرص و انتهى به المطاف في الاسكندرية

في القاهرة التقى ليبليخ بحاكم مصر محمد علي باشا الذي كان ينظر الى ليبليخ بعين الريبة و الشك 

في عام ١٨٠٦ انضم الى قافلة الحج المصرية المكونة من ٥٠٠٠ جمل، كان موكبه يتكون من خادمين و ١٤ جملا و جوادين 

من السويس استقل مركبا الى ميناء جدة، وفي اليوم العاشر هبت عاصفة و اصطدمت السفينة بالصخور وكادت ان تغرق

بعد ثلاث ساعات من معاناة الغرق وصلت السفينة الى جزيرة لا ماء فيها ولا شجر

التقطتهم شفينة عابرة واوصلتهم الى ميناء جدة بعد ان لبسوا ملابس الاحرام وسط دموع الفرح بالنجاة من الموت 

لم تعجبه جدة التي انتشرت الكلاب في شوارعها، كما ان جشع التجار المغالين في الاسعار كان واضحا بالاضافة لارتفاع الاسعار

كان ليبليخ ضعيفا ومصابا بالحمى عندما قرر مغادرة جدة عام ١٨٠٧، فغادر الى مكة محمولا على محفة بعد ان عجز عن ركوب الجمل

بعد ١٥ شهرا من مغادرة ليبليخ طنجة، وصل الى مكة التي تتجه اليها عيون وقلوب الملايين من البشر، كانت مكة محاطة بالجبال 

دخل ليبليخ المسجد الحرام من باب السلام، ما ان بانت الكعبة حتى خاطبه مطوفه "شوف .. شوف .. بيت الله الحرام"

كان المنظر خاشعا، قال ليبليخ :" شعرت حيت قبلت الحجر الاسود ان شفتاي ترتاحان"

طاف ليبليخ سبع اشواط حول الكعبة، وتوقف عند بئر زمزم و شرب منه وقال عندها: " شعرت انني عدت من عالم آخر "

اعجب ليبليخ بنظافة شوارع مكة المتربة ومبانيها الحجرية العالية و المشربيات، لكنه لاحظ تناقص اعداد سكانها من ١٠٠ الف الى ١٨ الف

كانت الصناعات منعدمة في مكة و صعب جدا ايجاد من يصنع قفلا او مفتاحا، الدراسة كانت منعدمة و مقتصرة على دروس الحرم 

دعاه شريف مكة لمقابلته و ساله عن بلده، واجابه ليبليخ انه من حلب، الا ان الشريف كان يشك فيه دائما

شهد ليبليخ احتفال غسل الكعبة، بينما كان يتلقف مياه غسيل الكعبة، دفعته الحشود الى داخل الكعبة، وحظي هو بهذا الشرف

شهد ليبليخ دخول انصار ابن سعود للطواف في قافلة من ٦ آلاف رجل بدون رايات او طبول، سمع ليبليخ اصوات فرحهم بدخول مكة

دخل الجيش (الوهابي) مكة دون طلقة رصاص، كانوا يتبعون حركة التجديد التي اعلن عنها الشيخ محمد ابن عبدالوهاب 

كان هدف محمد ابن سعود هو تحرير الاسلام من السيطرة التركية والعودة بها من جديد الى الجوهرة و النقاء 

لم يدرك ليبليخ ان الحجاز دخلت ضمن السيطرة السعودية قبل ثلاث سنوات من ذلك العام، وان الحركة هدفها العودة للقران و السنة

من ضمن الاهداف نبذ الغلو في الدين، البناء على القبور، تحريم الموسيقى و التدخين و القهوة و حلق الذقن

امتدح ليبليخ رجال ابن سعود وتواضعهم، فكانوا لا يسرقون ويدفعون ثمن ما يشترون ويطيعون قادتهم

قال ليبليخ: في عرفة يمكن للمرء ان يكون فكرة عن مشهد الحج، فكان الحبشي اخو القوقازي المسلم او الغيني الزنجي و يتآخـي الفارسي و المغربي

عند غروب يوم عرفة، شاهد الجيش (الوهابي) ٤٥ الف بلباس واحد يتقدمهم ٢٠٠ فارس فوق جمالهم يرفعون الاعلام

بسبب تشابه اللباس، لم يستطع ليبليخ تمييز السلطان محمد ابن سعود الذي افترض انه شيخ ابيض اللحية يمتطي جوادا

كان تتقدم القافلة رايات خضراء عليها كاتبة "لا اله الا الله" باللون الابيض، سارت القافلة الى منى حيث انهى مناسك الحج

كان ليبليخ اول من قدم معلومات عن مكة على عكس سابقيه فرارتيما الايطالي و بيتس الانجليزي  و الذي سبق ذكرهما 

كان ليبليخ اول من حدد موقع مكة بالضبط بتحديد الاحداثيات الجغرافية و التي مهدت لوضع خريطة للجزيرة العربية 

وصف تضاريسها وخواص الاماكن المقدسة، وعادات سكانها و الشعائر التي تنتظر الحاج و تجارة اهلها و حيوانات المنطقة ونباتاتها

عند انتهاء الحج، كان جيش ابن سعود قد بسط سيطرته على مناطق الحجاز و عسير و الاحساء متطلعا لتوحيد قبائلها ونشر الدعوة

كان ابن سعود يريد ان ينهي نفوذ الاتراك من الجزبرة العربية

ادرك ليبليخ حجم انتصار ابن سعود عندما كفت المنابر عن الدعاء للسلطان العثماني على منابر المساجد، وتم ترحيل الجنود الاتراك من جدة

ظهر رجال الحسبة في شوارع جدة يحثون الناس على الصلاة و يغلقون المتاجر، كما تم منع القهوة ووجد ليبليخ نفسه محروما منها

غادر الى ينبع ليتوجه منها الى المدينة المنورة، وبعد تسعه ايام وصل الى ينبع وبحث عن جمل يحمله الى المدينة 

تبعه في رحلته للمدينة بعض الحجاج الاتراك و المغرب و تعرضوا لمصاعب كثيرة منها السرقة و عاد بعدها لينبع ولم يكمل للمدينة

قدم ليبليخ وصفا لينبع ذلك الوقت حيث كانت مكتظة بالجنود الاتراك الهاربين و التجار الموالين للاتراك المطرودين من مكة و المدينة

ابحر ليبليخ من ينبه ووصل بعد ٣٠ يوما الى مدينو الطور، و التحق بقافلة تضم ٤٠ جملا و ٧٠ رجلا، ووصل بعدها للسويس

غادر ليبليخ الى القدس ودخل مسجد عمر الملاصق للاقصى و غادر بعدها الى حيفا، وعبر نهر الاردن الى ان وصل الى دمشق

انضم ليبليخ الى قافلة مغادرة الى حلب، ومنها الى انطاكية و ابحر بعدها الى اسكندرون، وقال ان السفر في تركيا مريح لكثرة الاستراحات

في عام ١٨٠٨ وصل الى فيينا، كان في الاربعين من العمر الا انه عندما نظر للمرآة وجد ان وجهه قد شاخ كثيرا

في نفس العام وصل الى باريس حيث استقبله اصدقاؤه الذين حضروا معرضا لرحلاته و ذهلوا كثيرا

عاد لاسبانيا التي كانت تحت سيطرة الفرنسيين و عيين حاكما لقرطبة ثم اشبيلية

عندما هزمت فرنسا، فر ليبليخ مع الجيش الفرنسي و عاش لاجئا في فرنسا

اعطته الحكومة الفرنسية ١٥ الف فرانك لطبع كتاب رحلاته، ونال كتابه استحسانا كبيرا في الاوساط الاوروبية 

اعد ليبليخ العدة للقيام برحلة ثانية لمكة عام ١٨١٨ منتحلا اسما جديدا ( علي ابو عثمان)، وكان يخطط بعدها ان يكتشف افريقيا

احتفظ ليبليخ بمرافقيه السابقين ليقنع الناس بانه مسلم، الا انه توفي نفس العام في حلب بمرض الدسنتاريا

دفن ليبليخ قرب قلعة البلقاء، وكانت الحكومة الفرنسية تعتقد انه مات مسموما من قبل احد العملاء الانجليز

كان الانجليز وقتها في صراع محموم مع فرنسا للسيطرة على طرق التجارة و اراضي العالم الاسلامي …… انتهى



No comments:

Post a Comment