Sunday, October 26, 2014

رحلات محرمة - الرحالة جورج فالين


جورج فالين

ولد الرحالة جورج اغسطس فالين في فلندا عام ١٨١١، ودرس في مدرسة كنيسة ثم اكمل تعليمه الجامعي في جامعة هلسنكي 

درس اللغات الفرنسية، و الروسية، و الانجليزية، و الالمانية، و السويدية، و العربية و الفارسية و التركية، وفي عام ١٨٣٦، اتقن فالين ٩ لغات

عمل محاضرا في الجامعة و بعد وفاة والده عام ١٨٣٧، غادر الى روسيا ليدرس في معهد الاستشراق 

في روسيا تعرف على محمد عياد المصري الذي كان يدرس اللغة العربية، ومنه تعرف على تعاليم الاسلام 

عرض فالين على جامعته بهلسنكي القيام برحلة الى مصر و الجزيرة العربية بهدف الرفع من شأن جامعته في خدمة العلم 

وافقت الجامعة عى مشروعه، وقيل ان من المهام الموكلة اليه عندما كان في القاهرة، جمع معلومات عن قوة الوهابيين في نجد لصالح محمد علي باشا

تقرب فالين من محمد علي باشا عندما كان في القاهرة، وعرض عليه مسؤول مصري تمويل رحلته الى الجزيرة العربية 

الغرض منها تزويد الحكومة المصرية بتقارير عن الاوضاع السياسية فيها على ان يسافر كتاجر للخيول العربية الاصيلة، ولكن لم تثبت صحة الرواية 

تدرب فالين على الاعمال الطبية والعلاجية ليسافر كطبيب 

سافر فالين الى باريس فدرس المخطوطات العربية في مكتباتها و غادر بعدها الى اسطنبول ثم الى الاسكندرية و القاهرة 

قضى في مصر ٦ سنوات ليعزز معرفته بالاسلام و يحفظ القرآن و تعود على الصلاة و الصوم و اتخذ اسم عبدالولي او ولي الدين 

نصحه احد الفرنسيين ان لا يبدأ رحلته من القاهرة لان الوهابيين يشكون بكل الرعايا و الاصداقاء ومن يأتي عن طريق القاهرة 

قرر فالين ان يبدأ رحلته و ان يعبر الى نجد من شمال الجزيرة العربية و النفود 

توجه فالين الى برا الى عمان عام ١٨٤٥ مرورا بالعقبة، و منها الى الجوف بوابة النفود وقضى فيها ثلاثة اشهر 

توجه بعدها الى حائل و كان يحكمها عبدالله الرشيد وهو رجل يمتاز بشجاعه الشخصية و نشره للفضائل التي تلازم كل شيخ ناجح 

كل شخص يصل الى حائل وليس له اقارب او اصدقاء يسمح له بالاقامة في قصر الامير و يتمتع بالضيافة طوال مدة الاقامة 

وقال فالين عن قبيلة شمر بانهم شعب مغامر جدا مع نزعة طبيعية للتجارة و الحملات الحربية 

كان فالين يريد ان يخترق من حائل الى عمق نجد و الرياض، وبعد شهرين في حائل و بعد نفاذ المال، التحق بقافلة حج من بلاد فارس الى مكة

منذ التحاقه بالقافلة، توقف عن تسجيل ملاحظاته بسبب شعوره بالخطر من القافلة، ولانها لم تتوقف عن السير ابدا، ولا حتى للراحة  

وصلت القافلة من حائل الى المدينة في ٥٨ ساعه، وهو زمن قياسي وكان وقتها قد تعرض للارهاق، وكان معزولا بين حجاج فارس 

افترق فالين عن القافلة المتجهة الى المدينة و توجه الى جدة 

وليست هناك اجابة في انه هل توجه الى مكة مباشرة ام ان المرض اقعده حتى عاد الى القاهرة، ليست هناك اجابة عن هذا السؤال 

في عام ١٨٤٧ تأهب الى رحلة اخرى الى الجزيرة العربية، ووجهته هذه المرة كانت نجد، وفشل بعد ان اكتشف انه مسيحي منتحل للاسلام 

هرب الى بلاد فارس كاد ان يموت فالين في هذه الرحلة مع الجوع لولا ان انقذه بحار بريطاني واوصله الى البصرة و منها الى بغداد

في رحلته الثانية الى الجزيرة العربية عام ١٨٤٨، زار مكة و المدينة عن طريق المويلح على البحر الاحمر 

كانت الرحلة شاقة و مضنية و طويلة وصل فيها الى تبوك، وكتب ان الطريق كان مليئا بالحجارة، وجبال المنطقة تتكون من صخور رملية

زار فالين تيماء، وقال فيها ان سكانها من اتباع الحركة الاصلاحية لمحمد ابن عبدالوهاب، يتبعون المذهب الحنبلي المتشدد 

قضى اسبوعا في تيماء و غادرها الى حائل وجلس فيها شهرا ثم غادر الى بغداد 

سجل فالين في رحلته هذه معلومات لم يسجلها رحالة غربي قبل، وكان اول اوروبي يخترق شمال الجزيرة العربية بكاملها حتى حائل 

لم يكتفي بتسجيل ملاحظات عن الحياة الاقتصادية و الاجتماعية لسكان البادية بل سجل بذكاء معلومات جغرافية هامة و دقيقة

اعتبره الدارسون من اكثر الرحالة الغربيين تجوالا في شمال الجزيرة العربية بعد ان قضى متجولا في البلاد العربية و فارس ٧ سنوات

لم يجد فالين صعوبة في التحدث مع العرب و الانسجام في بيئة البادية وحياة البدو الرحل 

سجل له انه اول اوروبي يصل للجوف، وهو اكبر الرحالة الذين انجبتهم فنلندا عبر العصور ومن اشهر ابنائها على الاطلاق 

عاد الى هلسنكي عام ١٨٥٠ و معه ٣٤ كتابا و ١٩ مخطوطا عربيا، وفيما كان يعد العدة للعودة مرة اخرى، توفي عام ١٨٥٢ عن عمر ٤١ عاما

عندما نشر مذكراته عن مكة و المدينة و الجزيرة العربية ذاع صيته في اوروبا و عرفت اوروبا قيمته و فضله و اعتبرته من الرحالة الرواد

لم يقدم فالين تفصيلا دقيقا عن رحلته لمكة و المدينة التي كانت من اهدافه في رحلاته الاستكشافية في الجزيرة العربية 

عبر المستشرقون عن اسفهم ان لا يسجل فالين معلومات عن مكة و المدينة اليت زارهما مرتين لانه لو فعل لاثرى معلومات الاوروبيين

في رحلته الاولى من حائل للمدينة، لم يعلم الاوروبيون عن وجود طريق مباشر من طرق الحج المعروفة 

بعد تعدد رحلاته للجزيرة العربية ومخالطته للبدو، فكر في العودة مرة ثالثة ليعيش بين البدو لبعض الوقت، الا انه توفي 

عندما عاد فالين لاوروبا، لم يألف الحياة فيها بسبب تعوده و عشقه لحياة البادية، فمرض و اعتلت صحته 

كرمته المراجع العلمية في فرنسا و المانيا، انتخب بروفيسورا لجامعة هلسنكي وقام بالتدريس فيها خير قيام الا ان عشقه للصحراء كان اقوى

كان يتشوق لمغادرة الاجواء الضبابية في بلاده الى الشرق المشمس والى بساطة حياة العربي، الا انه مات بمرض السفلس عام ١٨٥٢ … انتهى 



No comments:

Post a Comment