Wednesday, October 1, 2014

رحلات محرمة .. فينسنت لابلانك


نستكمل معكم سلسلة رحلات محرمة لمكة و المدينة و هذه المرة مع الرحالة الفرنسي فينسنت لابلانك 

ولد الرحالة لابلانك في مارسيليا عام ١٥٤٤ للميلاد، وكان والده شريك في سفن تتاجر مع المشرق الاسلامي، واحب الاسفار منذ صغره 

كان رحالة منذ طفولته الى وفاته عن ٨٦ عاما، كان رجل قيم و مبادئ ينتقي معلوماته من الاستطلاع وليس من روايات تنقل اليه 

رأى في الاسفار و الرحلات الخلاص من حياة البؤس، وان الحياة لا تعدو كونها رحلة مستمرة حتى النهاية 

منعه والده من السفر لمعرفته بمخاطر الاسفار، و منعته والدته اكثر من مرة من محاولة السفر بعد ان كان يتسلل خلسه الى السفن المغادرة 

في الرابعة عشر من عمره، استقل سفينة يمتلكها والده سرا دون علم والديه، وكانت هذه السفينة متجهة نحو الاسكندرية 

زار الاسكندرية ثم القاهرة وقضى في مصر ثمانية اشهر قرر بعدها العودة الى مارسيليا بعد ان حملت السفينة بالتوابل و التجارة 

في الطريق تحطمت السفينة قرب شاطئ جنوة بسبب رعونة البحارة وبقي في البحر ١٥ ساعة و نجا من الغرق مع كاتب السفينة 

بقي في جنوة ٧ اشهر في ضيافة القنصل الفرنسي مكرما من اجل خاطر والده و بعدها قرر السفر لبيت المقدس ليشكر الله على نجاته 

غادر جنوة الى سوريا برفقة قبطان السفينة كاسيس، وزار جبل لبنان و طرابلس و عمان، ومنها الى دمشق وقال عنها انها مدينة عظيمة

تجول في دمشق الشهيرة بانواع التجارة وبالذات تجارة السيوف و الخناجر، وفيها حضر مشهد اعدام رجل مسيحي ادين بقتل قاضي

غادر لابلانك دمشق الى مدينة صغيرة تدعى المزيريب، وهي على بعد ثلاثة ايام، وفيها التقى شقيق كاسيس، مراد 

تعلم لابلانك العربية خلال الفترة التي قضاها في القاهرة، و سمع من خلال محادثة الاخوين ان كاسيس ينوي السفر لمكة لاجل التجارة

طلب كاسيس من لابلانك ان يرافقه لمكة على ان يوفر له جملا، وبعدها ياخذه لزيارة الاماكن المقدسة في القدس و سيناء

وافق لابلانك مرغما رغم كرهه لهذه الرحلة الشاقة كونه اراد الذهاب للقدس قبل العودة لمارسيليا، الا انه استعد لها بالماء و الغذاء 

التحق الثلاثة بقافلة الحج التي تغادر دمشق والمكونة من 20 الف جمل و 500 فارس، رافق الحرس القافلة الى اطراف الصحراء

بعدها اكملت القافلة الرحلة لان الفرسان لا يستطيعون السفر في الصحراء لان الرمال تؤثر على حوافر الخيل بالاضافة الى ندرة المياه

وصلت القافلة الى بحيرة تدعى -البحر الميت- وبعدها انطلقت الى ارض صحراوية يقودها شخص معه بوصلة 

تناقلت القافلة بعد ساعات نبأ فقدان احد اعضائها، وبعد بحث طويل لم يعثروا عليه، وقد يكون مات عطشا او ابتلعته الرمال المتحركة 

وبعد ١٥ يوما، شارفت القافلة على الوصول للمدينة، الا انه كان هناك نقص شديد للماء، وطلب قائد القافلة البحث عن الماء، فتبرع لابلانك بالبحث

تحرك مع رفاقه في حراسة الجنود من قطاع الطرق الذين كانوا يتربصون بالقافلة لسرقتها، ووجد لابلانك ورفاقه ماء تحت سفح احد التلال

اخذ لابلانك ورفاقه الماء للقافلة، ورغم ملوحته الخفيفة الا انه كان اعذب من طعم العسل، مكثت القافلة عند البئر عشر ساعات قبل ان تغادر فجرا

وصلت القافلة بمحاذاة جبل الطور، ويعرف باسم جبل القديسة كاترين، ويسكن حولها محمديون مسلمون

مضت على قافلة لابلانك ٤٥ يوما منذ مغادرة المزيريب رحيلا متواصلا لا تستريح فيه الا ايام الجمع وهو يوم راحة المحمديين - المسلمين

وصلت القافلة للمدينة المنورة التي كانت عامرة بالسكان و تتوفر فيها المياه بكثرة

كما كان سائدا، ظن لابلانك ان قبر الرسول صلى الله عليه وسلم معلق في الهواء في مكة، الا انه كذب الرواية بعد رؤية قبره 

وذكر لابلانك في مذكراته بعض المعلومات المغلوطة و منها ان الخلفاء الراشدين الاربعه مدفونين بجانب الرسول صلى الله عليه و سلم

وامام قبر كل خليفه، كتاب يحمل سيرته، ومن مغلوطاته انه وللوصول لقبر الرسول لابد ان تهبط اربع درجات

وكانت هناك غرفة بجانب قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فيها هدايا الملوك الثمينة لقبر الرسول، كما ذكر في كتابة من مغالطات نتجاوز عنها الان

من المدينة، توجهت قافلة لابلانك الى مكة، وكانت الرحلة تستغرق اليومين، وقد وجد مكة كبيرة جدا وضعفي مساحة مدينة مارسيليا وتحيط بها تلال عالية جدا

تعيش مكة، كما وصفها، عيدا من كل عام - الحج - حيث يأتيها الآلاف من الحجاج من كل بقاع الارض لابسين الاحرام الابيض 

منى تبعد فرسخا ونص - الفرسخ من ثلاثة الى ستة اميال - وفي منى تذبح الاضاحي وتوزع لحومها على الفقراء، كما يوزع عليها الماء 

في منى ١٥٠ بيتا لأيواء الحجاج، وليس في مكة ماء، ولكن الماء يجلب لها من اماكن بعيدة، و يكلف الماء سعرا غاليا 

وفي وصف الكعبة قال انها مبنية على هيئة كنيسة صوفيا في القسطنطينية، وتحظى الكعبة عند المسلمين بتوقير فاتن 

بناؤها قائم ببساطة بلا اي زينة، وقال في مذكراته: المسلمون يعظمون مكة ويعتقدون ان الملائكة بنت الكعبة ويعتبرونها قبلتهم و يوقرونها 

داخل اروقة الحرم تباع العقاقير و العطور و الاحجار الكريمة، كما تعرض اغلى المنتجات الهندية، كما يجتمع عندها التجار من جميع انحاء العالم 

رغم جمال الحرم الا انه كان خاليا من اي صور او رسوم حيوانية 

حاكم مكة آنذاك يلقب بالامام الحسيني وهو من ذرية هاشم، وكان خاضعا للسلطان التركي الذي قضى على المماليك

كان حاكم مكة تابعا لسودان مصر، وقد رد له السلطان التركي جاهه و اعتباره كحاكم لمكة 

لم يذكر ان ادى لابلانك اي شعائر دينية، وبعد فترة قصيرة في مكة، سفر الى جدة لبيع البضائع حيث قيل ان الربح فيها اوفر

توجه بعدها الى زبيد و عدن ومنها الى بلاد فارس حيث حقق ربحا وفيرا من بيع البضائع هناك، بعدها سافر الى الهند و سمرقند

سافر بعدها الى عدة دول في آسيا وبعد غياب عشر سنوات، عاد لابلانك الى مارسيليا 

استأنف لابلانك رحلاته عام ١٤٨٥ الى البرازيل وبعض دول افريقيا و اوروبا قبل ان يستقر في مارسيليا عام ١٦٠٢

طبعت مذكراته عام ١٦٤٠، وهو عام وفاته عن ٨٦ عاما، وترجمت الى الانجليزية عام ١٦٦٠ …… انتهى 

No comments:

Post a Comment