Thursday, October 16, 2014

رحلات محرمة - الرحالة جون لويس بيركهارت


جون لويس بيركهارت

ولد جون لويس بيركهارت في لوزان بسويسرا عام ١٧٨٤، اضطر للهرب مع والده بعد ان اكتسح الفرنسيون بلادهم 

درس الجامعة في المانيا و انتقل بعدها الى لندن عام ١٨٠٥ بحثا ع عمل. بقي عاطلا عن العمل عاما ولكنه تعلم الانجليزية و تجنس بجنسيتها

شجعه احد اساتذته بالجامعة للاستكشافات في افريقيا و منحته الجامعة منحة في لندن لتأهيله في الاستكشاف و تعلم العربية 

درس العلوم التي ستعينه في رحلاته و تدرب تدريبات جسدية خارقة لتأهيل جسمه على تجمل مخاطر و مشقات الاسفار

كان يسير حافيا لمسافات طويلة و ياكل الخضراوات و ينام على الارض بلا فراش ، اطلق لحيته لتعينه على الاسفار فيالبلاد العربية

غادر لندن ١٨٠٩ و توجه الى حلب و كان ينوي ان يقوي لغته العربية عن طريق الاختلاط بالناس

انتحل اسم الشيخ ابراهيم بن عبدالله، واعتنق ظاهريا الاسلام و حفظ اجزائا كثيرة من القران و تفقه في الدين 

بلغ به من العلم ان اعترف به قاضي مكة انه متبحر في الدين. كان بيركهارت يؤدي الصلوات الخمس ليبعد الشكوك عن نفسه 

قام برحلات لوحدة داخل سوريا كواحد من سكانها و خالط قبيلة عنزه و كان بيركهارت من اوائل الاوروبيين الذين زاروا البتراء 

سافر بيركهارت الى القاهرة عام ١٨١٢، و انتقل الى اسوان و دنقلا، و كان اول اوروبي يصل الى معبد ابي سنبل 

كتب بيركهارت لرابطة الاستكشافات برغبته في السفر الى مكة للحج، وذلك ليحمل لقب حاج و يسهل رحلته لاحقا داخل افريقيا 

التحق بقافلة من تجار العبيد في طريقهم بين شندي و سواكن في السودان، بعدها تعرض لامراض اقعدته عن الترحال 

في عام ١٨١٤، غادر بيركهارت سواكن متوجها الى جدة، واستغرقت الرحلة اسبوعين في البحر بسبب ضعف خبرة ربان السفينة 

صادف وصوله الى جدة اجواء حملة حاكم مصر محمد علي باشا على الدولة السعودية الاولى عامي ١٨١١ و ١٨١٣ 

وصف بيركهارت اجواء الحجاز الاقتتالية، والتقى شخصيا بمحمد علي باشا لاحقا في الطائف 

قضى بيركهارت شهرا في مدينة جدة و استطاع ان يصفها في ١٠٠ صفحة 

وصف بيركهارت اسوارها و مينائها و احيائها و تجارها و عادات اهلها و نمط الحياة فيها 

من اغلب مصاعب سكان جدة آنذاك الحصول على الماء العذب حيث لم يكن فيها سوى بئرين، اغلبية سكان اهل جدة من الغرباء 

لم يكن في جدة من المسيحيين سوى بعض اليونانيين الذين يأتون من مصر بالبضائع 

يتميز تجار جدة بالمرونة العالية عكس مصر و سوريا، حتى ان حمولة سقينة كاملة يمكن ان تباع خلال نصف ساعة 

خلال سيطرة السعوديين على الحجاز، كان التبغ يباع سرا تحت مسمى (متطلبات الرجل)

استطرد بيركهارت في وصف جدة و دكاكينها و تجارها وصف يطول شرحه و نتجاوزه هنا 

مع وصول محمد علي باشا للحجاز، فرض العملة المصرية قسرا بعد ان كانت مبعدة ابان حكم الدولة السعودية الاولى 

وصف بيركهارت عرب شبه الجزيرة بانهم امة ابية شجاعة،

 كان التاجر يفضل ان يدع غرامة للشريف حاكم مكة على ان ان يحصل على معروف من الباشا التركي بسبب العجرفة التي يعاملهم بها الاتراك 

لما سمع محمد علي باشا بوجود بيركهارت في جدة، ارسل الى طلبه الى الطائف حيث يقيم محمد علي باشا 

في الطريق لاحظ ان معظم سكان القرى هجرها اهلها بسبب ان الجنود الاتراك لا يدفعون شيئا و ياخذون كل شيء بالاكراه 

في الطريق الى الطائف، عبر به الدليل الى مكة، وتوقف قريبا في ضاحية المعابدة، وكان وقت صيام فتناول الافطار هناك 

واصل سيره عبر منى فمزدلفة فعرفات، ودخل وادي النعمان حيث هاجمت الكلاب بوحشية في الليل جمالهم و كادوا ان يضلوا الطريق

في الصباح الباكر، بدأ رحلة صعود الجبال المؤدية للطائف و توقف قليلا عند قرية رأس القرى

لاحظ ‏ بيركهارت عدم اهتمام التجار ببناء اماكن للترفيه في تلك المنطقة الرائعة في الجمال

وصل بيركهارت الى الطائف و حدد محمد علي باشا موعدا لمقابلته في وقت متأحر من ليلة رمضان 

علم بيركهارت بدخول الحلفاء الى باريس و نفي نابليون الى جزيرة ألبا، و تخوف محمد علي ان تقود بريطانيا حملة لاجتياح مصر

 في اليوم التالي زار بيركهارت القاضي التركي صادق افندي وصلى معه العشاء و قرأ اطول سورة ليبعد الشكوك عن نفسه انه جاسوس

لم يكن راغبا ان يطيل المكوث في الطائف ولم يكن يريد ان يبدو بمظهر المستعجل لمغادرتها فجأة افضطر الى ان يمثل دور الضيف الثقيل

كان بيركهارت ضيفا على طبيب محمد علي باشا، تظاهر امامه بانه اعجب بالمكوث في الطائف و تصرف بوقاحة كما انه منزله 

كان بيركهارت يريد ان يطلب صاحب المنزل من محمد علي باشا ان يغادر، و استمر بيركهارت في التثقيل على صاحب المنزل 

نجحت الخطة و طلب صاحب المنزل من محمد علي ان يغادر بيركهارت ليمضي العشر الاواخر من رمضان في مكة 

طلب بيركهارت من محمد علي باشا ان يأذن له في التجول في الحجاز و زيارة المدينة المنورة التي كان تحت سيطرة ابنه طوسون 

ارتدى بيركهارت ملابس الاحرام و غادر الى مكة و طاف بالبيت الحرام و اكمل نسك العمرة و نجح في تاجير غرفة للمكوث فيها 

حل عير الفطر ووصف بيركهارت اهل مكة يرتدون اجمل الثياب التي تفوق التي شاهدها في مصر و سوريا 

توجه بيركهارت الى جدة لشراء المؤن و عاد الى مكة و فيها استأجر منزلا في المسفلة وفيها شعر بالطمأنينة التي لم يشعر بها في حياته 

 وصف بيركهارت مكة في مذكراته وصفا مستفيضا نختصره هنا في انه لاحظ ان مباني مكة عادية و خالية من الزخرفة و التبجيل 

السبب في ذلك ان سكان مكة لا يريدون لاي بيت ان يضاهي او ينافس بيت الله الحرام في جماله و رونقه 

كانت شوارع مكة غير معبده و حال الماء فيها كحال مدينة جدة، نادرة الوجود، كان فيها خزانات قليلة لتجميع مياه الامطار 

بعد ان ادى بيركهارت مناسك الحج، اضطر للبقاء شهرا في مكة بسبب انعدام الامن بين مكة و المدينة المنورة وصعوبة الحصول على جمال

غادر بيركهارت في قافلة للحجاج الملاويين و الاندونسيين متجهة الى المدينة مكونة من ٥٠ جملا. كانت بلادهم مستعمرة من قبل الانجليز 

اكتشف بيركهارت حقدهم على الانجليز بسبب اسرافهم في تناول الخمور و محاولتهم لمحو هويتهم 

قضى بيركهارت اسبوعين في الطريق قبل ان يصل الى المدينة المنورة، ولم يذكر بيركهارت فيها حوادث تذكر 

تعرض بيركهارت للملاريا و كان طريح الفراش لستة اسابيع، وبلغ به الاعياء حدا لم يعد يقوى فيه على المشي

دخل بيركهارت مرحلج كآبة بسبب المرض و استعد نفسيا للموت، كان يخاف الموت دون ان يرسل مذكراته الى انجلترا حتى لا تذهب رحلته سدى

تحسنت حالة بيركهارت في الربيع فبدأ الاستعداد للرحيل الى ينبع و منها الى القاهرة بعد ان قضى في المدينة ثلاثة اشهر 

لم يستطع بيركهارت زيارة الحرم النبوي بسبب مرضه و اكتفى بنقا وصف الحرم من مراجع الكتب من الرحالة قبله 

كانت مياه المدينة غزيرة و تاتي من العين الزرقاء من قباء، اغلب سكانها من الاجانب و لم يبقى سوى عشر عوائل من الانصار 

لم تستطع قافلة بيركهارت تجاوز سيل العقيق الا في اليوم التالي بسبب كثرة الامطار ذلك الوقت 

في منطقة الظفرة انفصلت القافلة الى متجه الى مكة و متجه الى ينبع

في ينبع واجه صعوبة في استأجار غرفة بسبب تدفق جنود محمد علي باشا العائدين من مصر بعد اجازتهم 

زاد من معاناة بيركهارت انتشار مرض الطاعون في الفترة ما بين ١٨١٢ و ١٨١٦، و كثرت الجنائز التي تمر امامه بشكل يومي 

دب الذعر بين سكان ينبع فغادروها الى البراري فاصبحت ينبع شبه مهجورة، وبسبب مرض بيركهارت لم يستطع المغادرة 

اغلق بيركهارت الغرفة على نفسه منتظرا اول سفينة مغادرة ، وبعد ١٨ يوما غادر في سفينة متجهة للقاهرة 

كان شارع ينبع الرئيسي مليئ بمرضي الطاعون ممن ينتظرون الموت. في السفينة اصيب البعض بالطاعون، وكان الموتى يلقون في البحر 

بعد معاناة كبيرة وصل الى الشرم و اكمل رحلته برا فوصل القاهرة بعد ان غاب عنها سنتين و نصف في رحلة الحج 

تضاعفت فرحته بعد ان تلقى رسائل المديح من انجلترا تهنئه على عودته سالما الى القاهرة 

كانت حال بيركهارت ضعيفة و المرض يعاوده من فترة لاخرى 

فيما كان يستعد بيركهارت لمواصلة رحلته الى تيمبكتو، داهمه الموت عام ١٨١٧ وهو في القاهرة و دفن في مقابر المسلمين 

كتب على شاهد قبره (قبر المرحوم الشيخ حاج ابراهيم المهدي ابن عبدالله بيركهارت اللوزاني) 

نجح بيركهارت قبيل وفاته ان يرسل كتابا عن رحلاته الى لندن وصلت بعد وفاته 

ظل كتابه عن الحجاز و الحرمين الشريفين لقرون مرجعا و موسوعه للباحثين عن الرحلات 

عرف بيركهارت من كبار الرحالة الذين كتبوا عن المنطقة التي لم تكن معروفة للاوروبيين … انتهى 

No comments:

Post a Comment