Tuesday, October 21, 2014

رحلات محرمة - الرحالة تشارلز دوتي


ولد تشالرز دوتي في انجلترا عام ١٨٤٣لعائلة ارستقراطية، كان حلمه ان يكون ضابطا بحريا عندما يكبر، فشل بسبب فشل الفحص الطبي

درس الجيلوجيا ثم الادب الانجليزي القديم، ودرس اللغة الهولندية و الدينماركية و قاك بعدة رحلات لهولندا و فرنسا و ايطاليا في سن ال ٢٨

في عام ١٨٧٤، ادار انتباهه للشرق، وزار الجزائر و سوريا و لبنان وفلسطين و مصر و سيناء 

في طريقه لزيارة البتراء، سمع من البدو عن مكان يقع في طريق الحج اسمه مدائن صالح، وهو مكان غني بالنقوش و الاثار

قرر دوتي زيارة المنطقة رغم معارضة السلطات العثمانية و القنصل البريطاني في دمشق، كان يهدف احضار النقوش لدراستها في بلده 

في دمشق تعلم اللغة العربية و تدرب بدنيا للتكيف مع الصحراء، وكان هدفه زيارة مدائن صالح و دراسة النقوش و الآثار فيها

رافق قافلة للحج متجهة الى المدينة المنورة، و ارتدى زيا نصرانيا، وادعى انه نصراني سوري يدعى خليل 

بعد ثلاثة اسابيع وصل دوتي الى مدائن صالح عام ١٨٧٦، انفصل عن قافلة الحج و مكث في مدائن صالح شهرين يدرس آثارها 

ارسل ما كتبه عن نقوش و آثار مدائن صالح مع مسافر للقنصل البريطاني في دمشق ليتركها عنده كوديعه 

ترك دوتي طريق قافلة الحج و اتجه شرقا مع دليله الى تيماء، وصادف في طريقه اسراب الجراد

عاش دوتي بين البدو ٣ اشهر وحظي بكرم اسرة دليله 

قدمه الى زوجته حرفة وطلب منها اكرام دوتي. ولم تكن زوجته محجبة حسب تقاليد قبائل الشمال 

وصف دوتي كيف يقضي البدو يومهم، فقال "يشربون القهوة في الصباح و يتقاسمون القليل مما يتوفر من الدخان حتى وقت صلاة الظهر ..

.. ثم يعودون لخيامهم لتناول طعام الغداء من تمر و حليب ومن ثم يستريحون مع نسائهم"  

رغم ما ذكره من كرم اسرة دليله، الا انها كانت غاضبة عليه لانه احضر اليها غريبا، الا ان ذلك لم يمنعه من التمتع بكرم الضيافة 

حذره البدو من التجول منفردا بعيدا عن مضاربهم حتى لا يتعرض للاذى، ومع مرور الوقت شعر دوتي بانه واحد منهم 

لم يخفي البدو حيرتهم من وجود دوتي بينهم، هل هو جاسوس؟ ام طريد؟ ان غريب يبحث عن كنز؟ 

كان دوتي يتنقل معهم من مرعى لمرعى و يعيش معهم شظف العيش و يشرب من حليب النوق ويكتب ملاحظاته عن عاداتهم وتقاليدهم

عاش دوتي بين قبيلة بشر اجمل ايامه حتى انهم عرضوا عليه تزويجه لانه من الغريب ان يجلس رجل بينهم بلا زوجة 

شهد دوتي ما تعيشه البادية من غزو عندما هاجم مغيرين مضاربهم وساقوا ٥٠ من الابل، تابعهم اصحابها حتى اختفت آثارهم في النفوذ

اشتهر دوتي بين افراد القبيلة بانه طبيب، ولم يعترضوا على انكبابه على الكتابة، كانوا يجتمعون عند شيخ القبيلة مساء يتسامرون

في موسم الصيف، تعرضت القبيلة للسرقة و سرق ٦٠ من الابل، ونطلق الرجال خلفها الا انهم عادوا بعد ٤ ايام بخفي حنين 

اعتاد دوتي على الاقامة في البادية و كره ان يغادر القبيلة، الا انه اراد استكشاف الحرة 

كانت الحرارة شديدة جدا عند الحرة حتى ظن دوتي انه انه سيموت، كانت الرحلة قاسية وكان لا يشرب الماء الا القدر الذي يبلل الريق 

بلغ دوتي قمة الحرة وكانت ٥٠٠ متر فوق سطح البحر و كانت الحياة فوقها مستحيلة الا ان بعض القبائل كانت تسكنها الانها آمنة من النهب

عندما هبط دوتي من الحرة، اقام في مخيم ليرتاح، وبقيت في نفسه رغبة شديدة في استكشاف المزيد من الحرة 

عندما انقضى فصل الربيع وحل الصيف اغيرت طبيعة الارض، وكانت تراوده فكرة قطع رحلته الا انه سرعان ما يعاود التصميم على المضي قدما

عندما جفت مياه الصحراء، توجه افراد القبيلة الى الآبار في مدائن صالح حيث تختلف الحياة و يعيش البد على المضير او الاقط 

كان يتردد على مسامعه نقاشات بشان وضعه بينهم فمنهم من طالب بالتخلص منه بقتله و منهم من عارض ودافع عن بقائه 

وكلما شاركهم دوتي الاكل، كلما اطمأن على حياته، فالبدو يقدرون العيش و الملح 

بعد ان تحسنت صحته، غادر دوتي مدائن صالح الى اراضي نجد، وصل الى تيماء عند مطلع شهر رمضان 

لم يكن الجوع غريبا على اهل تيماء في رمضان، فكان سكانها يقضون معظم اليوم نوما تحت ظلال النخيل 

قضى دوتي معهم معظم رمضان و كان يعالج المرضى وحظي بضيافة اهل تيماء في منازلهم و انتقل لاخذ النقوش الاثرية هناك 

شارك اهالي تيماء في احتفالاتهم للعيد، ورقص النسوة في الاحتفال و طلبن منه ان يريهم رقص النصارى في عيدهم

عندما ابلغهم ن الرجل يرقص مع المرأة وصدره ملتصق بصدرها، لم تعجبهم هذه النذالة 

اتفق دوتي مع شيخ من شيوخ القبيلة على السفر الى حائل، وعندما تعذر ذلك، قرر مرافقة قافلة اخرى 

بدأت الامور تأخذ منحنى خاطئا بالنسبة لدوتي حيث قرر رجال القافلة السفر الى حائل دون التوقف، وكانت القافلة تسير ليلا و نهارا 

انهار بعير دوتي من الاعيا على مقربة من اجا و سلمى، عندها فقط قررت القافلة الراحة 

على مدخل حائل، تلقى دوتي تحذيرا من رئيس القافلة ان اناسها غيورون و نصحه ان لا يريهم كتاباته، وان يكتب ما اراد خفية 

دخل دوتي الى حائل وحيدا مع دليله بعد ان تركته القافلة عند قرية موقاق. كان نبأ وصول النصراني الى حائل قد سبقه قبل وصوله 

عندما دخا دوتي حائل، كان في حالة يرثى لها، كان متسخا وفي ملابس بالية، ولكنه شعر انه دخل عالم الحضارة 

كانت اسواق حائل مليئة ببضائع من بغداد و تشعل النار فيها بقدائح من فينا بدلا من القداحة الحجرية 

كان امير حائل على علم بقدوم دوتي، بل وكان على علم بوجوده في مدائن صالح 

كان دوتي يسمع عن مأساة التنافس بين حكام آل رشيد على الحكم الى ان آل الحكم الى محمد آل رشيد، وهو رجل في الاربعين من عمره 

التقى دوتي بالامير في مجلسه بعد يوم من وصوله، القى التحية في مجلس الامير فلم يرد احد عليه، اشار اليه الامير بالجلوس 

سزله الامير عن سبب مجيئه وعن حياته وسبب حياته مع البدو. أجابه دوتي بكل صراحة 

علق احد الجالسين على اجابة دوتي بانه رجل صدوق وليس مثل من سبقه - وكان يعني بذلك الرجالتين جورماني و بلجريف 

اعتبر دوتي ابن رشيد من اعظم امراء نجد في عصره، يحبه مواطنوه الانه اشاع الامن بينهم، ويخشون عقابه الشديد

قدر سكان حائل وقتها ب ٣٠ الفا، لقي دوتي من الامير كرما شديدا و دعاه عدة مرات الى مجلسه 

بقي دوتي في حائل شهرا يعالج المرضى، الشيء الذي ازال بعض الريبة عنه كنصراني بين سكانها، ومنهم من دعا له "جزاك الله خيرا" 

ومع اقتراب فصل الشتاء ووصول قوافل من العراق و بلاد فارس لموسم الحج ففكر بالرحيل 

تفاجأ دوتي بوجود ايطالي مع قافلة الحج كان قد عاش في سوريا ٨ سنوات، وقال انه سيكتب عن رحلته عند عودته الى روما 

لم يعثر له دوتي على اثر لاحقا وخشي ان يكون قد قتل خلال رحلة الحج 

قرر دوتي مغادرة حائل بعد ان اصبح البقاء فيها مملا وبعد ان اصبح طول بقائه يثير شكوك اهل حائل 

كان دوتي قد افلس وطلب من احد شيوخ آل رشيد مبلغا من المال فاعطاه ٣٠ ريالا، وطلب من امير حائل خطاب توصية لحمايته في الطريق 

كتب ابن رشيد توصية لاهل خيبر ممن يدينون له بالولاء و الطاعة ان لا يتعرضوا للنصراني بسوء 

غادر مع ثلاثة من مرافقيه الا انهم تخلوا عنه في الطريق، لقي عطفا من بعض البدو في الطريق فعرض له احدهم ايصاله لخيبر ب ٤ ريالات 

وصل دوتي الى خيبر وكانت واقعة تلك الفترة تحت السيطرة التركية، وكان حامي العسكرية هناك اسود من اصل حبشي 

صرح لهم دوتي انه انجليزي نصراني الا ان القائد العسكري امر بمصادرة حاجياته و فرزها، متجاهلا توصية امير حائل 

امام هذا الوضع وجد دوتي نفسه في موقف حرج، الا ان احد الحاضرين ويدعى محمد النجيمي طمأنه و حن عليه وكان له بمثابة الاب 

دعاه النجيمي لتناول الطعام في منزله متى ما اراد رافضا اخد اي مقابل مادي لقاء ضيافته، وكان الاثنان بمثابة الاخوين 

كان النجيمي يأخذه في حمايته عندما كان يقوم باستكشاف الحرات المجاورة رغم معارضة قائد الكتيبة العسكرية التركية 

لم يطلق سراح دوتي من خيبر الا بامر من والي المدينة العثماني الذي استلم تقريرا عنه وامر باخلاء سبيله و تسليمه كل مقتنياته 

نصحه والي المدينة بالعودة لحائل و زوده بخطاب توصيه وامر بتزويده بدليل يرافقه الى حائل 

غادر دوتي عام ١٨٧٨ الى حائل ثانية ملتمسين الضيافة عند البدو في الطريق 

طوال ثمانية ايام لم يصادف اي من مضارب البادية، فبلغ منهم الجوع و العطش مبلغه حتى انه تشاجر مرارا مع مرافقه وكاد ان يقتله 

كانت الطريق قاحلة، لا مرعى ولا ماء ولا طعام، صادفا في الطريق مضارب قبيلة حرب فاحسنوا وفادتهم ووجدوا عندهم الماء و الطعام 

عندما اقترب من حائل كان كل من يتعرف عليه يلوم دليله على مرافقته للنصراني، وصل دوتي لحائل بعد ١٦ يوما من مغادرة خيبر 

كانت حائل مقفرة وكأنها ميته وكان اميرها قد ذهب للغزو، ولكن نائب الامير رفض ان يبقى دوتي في حائل 

عندما سأله دوتي اين يذهب، قال له: من حيث اتيت. في الاخير سمح له نائب الامير بالبقاء ليلة واحدة، وكان عدائيا تجاهه 

في اليوم التالي كانت معنويات دوتي متدنية فلا يعرف الى اين يذهب ولا يستطيع المضي قدما ولا حتى العودة من شدة الارهاق 

عندما كان ينزل للسوق، يتجمهر حوله الناس بشكل عدائي ويدعونه للاسلام، وكان يرفض الدخول للاسلام ويصر على نصرانيته 

وبعد اسبوع غادر مع دليله باتجاه الجنوب الغربي على غير هدى حتى ان دليله ضاق به ذرعا و فكر بتركه و استوقى عليه واخد منه الجمل 

اجبر الدليل دوتي على المشي بقدميه حتى تقرحت وتمنى تلك اللحظة تمنى دوتي ان يموت على ان يحيا هذه الحياة البائسة 

في مكان يدعى غلفا، تركه دليله مع احد البدو وغادر. عرض عليه البدوي ايصاله الى اقرب مضارب بدو حرب الى الجنوب الشرقي 

بقي دوتي مع البدوي الغريب، وكانت زوجته تختلس النظر اليه من فترة لاخرى داعيه زوجها ان يساعد الغريب و يوصله الى اهله 

واجه دوتي لحظة عضيبة في ان يتخلى عن بعض كتبه لاجل ان يواصل رحلته، فدفن بعضها في مكان ما بكل احترام 

حين اراد السفر الى القصيم، سمع عن معارك بين ابن سعود وخصومه في القصيم، فآثر الانتظار الى حين انجلاء الامر 

اتفق دوتي مع دليل شمري يوصله الى بريدة مقابل ٥ ريالات. وصل دوتي الى بريدة بعد ثلاثة ايام وهي بلدة كبيرة مبنية بالطوب 

تحيط ببريدة اسوار وابراج وحول سورها اشجار و كثبان رملية، عندما وصل اليها سئل عن ديانته فقال لهم: انا مسيحي، اتريدون قتلي؟ 

فرد عليه احدهم: لا تخف، انها القصيم التي جاب اهلها بلدان العالم فمن رزى العالم فليس بجاهل سنتعامل معك بشكل حضاري 

امتدح دوتي اهل القصيم وافقهم المستنير الذي اكتسبوه باتصالاتهم مع قوافل الحج و تجارتهم مع العراق و نجد و الكويت و الخليج 

علم دوتي ان سكان بريدة لا يرحبون بالاجانب الغير مسلمين، ولما حانت الصلاة دعي للمسجد ولكن رفض وطلب منهم ايصاله لمكان ينام فيه

ولما انتهت الصلاة دعي لمجلس القهوة و سئل: هل انت المسيحي الذي كان في حائل؟ فعجل دوتي من سرعة انتقال الاخبار في المنطقة 

تعرض للنهب في المجلس من قبل اناس بعد ان رفض النطق بالشهادتين، وعروه من ثيابه الا ما يستر العورة 

ولما ذهب الى امير بريده ابلغه انهم نهبوه، فقال له ان من نهبوه ليسوا من اهل بريدة وامر باستعادة ما اخد منه والا قطع ايديهم 

واستعاد دوتي جميع مقتنياته التي سلبت منه 

كان الاطفال يقذفون دوتي بالحجارة و النسوة يصرخن عليه من خلف ابواب المنازل ولم يجد لديهم ادنى معاملة حسنة 

طلب منه امير بريدة مغادرتها فورا، وكان كل ما تبقى معه ٨ ريالات، وهي لا تكفي لايصاله الى مدينة جدة 

مزق دوتي بعضا من الخرائاط التي كان يحملها ليبعد الشكوك عن نفسه و استنجد بمن ياخذه الى مدينة عنيزة 

في صباح اليوم التالي، تبرع احد الاهلي باخذه على حمار الى مشارف مدينة عنيزة و تركه هناك 

على عكس ما واجهه دوتي في بريدة وجد في عنيزة عكس ذلك و التقى باحد وجهاء عنيزة ويدعى عبدالله الكنيني، وامر امير عنيزة بحسن معاملته 

طلب منه الامير ان لا يشيع عن نفسه انه نصراني وانه سيبقى بخير 

وصف دوتي امير عنيزة - زامل - بانه عادل و متحرر، ولكن عنه - علي - كان عكس ذلك، حتى انه غادر المجلس مرة عندما دخل دوتي 

كان عمه علي لا يريد ان يتواجد مع مسيحي. كان الجو مريحا في عنيزة عكس حائل التي كانت مضطربة 

كما ان اهالي عنيزة ليسوا متعصبين كما هم في بريدة، وليس هناك سجن في المدينة و كتانت العقوبات على الجناة فورية جلدا بالجريد

كون دوتي صداقة مع رجل الاعمال عبدالله البسام وقال عنه انه واسع الثقافة وليس هناك مثيل له في نجد 

بدأ دوتي يعيش على الضيافة ويعمل على علاج المرضى، ولكن انتشار خبر وجوده بينهم اثار حفيظه خطباء المساجد، وتناولوه في خطبهم 

بدأ الناس في التحول عنه فلازم دوتي المنزل نهارا و اقتصر تحركه ليلا لزيارة اصدقائه 

كان الكنيني و البسام من الذين ثبتوا على موقفهم الودي من دوتي حتى آخر لحظة، حتى ان الكنيني عرض اقراضة ٢٠٠ ريال اذا كان محتاجا

في يوم من الايام، استدعاه عم الامير - علي - و امره بمغادرة عنيزة فورا واحضر له جملا ياخذه الى الخبراء، وبقي فيها ٣ ايام 

امر امير عنيزه بعودة دوتي شرط ان يبقى في احد البساتين، فزاره الكنيني والبسام و تأسفا له وهما من اقترح ان يعود ليسكن في البساتين

قرر دوتي سرعة ترتيب رحلته الى جدة، وبعد ستة اسابيع في البستان رافق الكنيني في رحلته التجارية الى مكة

اعطاه الكنيني جملا ومرافق يعتني به، وكان من ضمن القافلة ابن للبسام يدعى عبدالرحمن، واعتذر له البسام و الكنيني مرة اخرى بسبب ما حصل

وصف دوتي عنيزة بانها اغنى مدن الجزيرة العربية وهي التي تسير القوافل من الشرق للغرب، وكانت لها تجارة مع الهند و مصر و افريقيا 

معظم سكان عنيزة من قبيلة تميم التي ورثت الذكاء و التجارة و مكنت عنيزة في ان تكون اغنى المدن من ناحية الدخل 

كانت القافلة تضم ١٧٠ جملا و ٧٠ رجلا موزعين على مجموعات صغيرة وكلها متجهة الى مكة وليس جدة 

في الطريق كانت الآبار الصالحة للشرب قليلة، وكانوا يتزودون بما يجدون من ماء مالح و ملوث، وكان الطريق مقفرا خاليا من الرعاة 

في احدى المرات، سرق دوتي قربة ماء ليشرب، وعندما اكتشف صاحب القربة كاد ان يفتك به لولا تدخل ابن البسام الذي امر باعطائه الماء 

كما تعرض دوتي لعدة محاولات سرقة و قتل، اولا انه كان يذكر مهاجميه بان بينهم عيش وملح و انه عاش في مضارب البادية كثيرا 

في قرن المنازل على مشارف مكة، احرم التجار، وطلب دوتي ان يذهب الى الطائف الى الشريف ليساعده على الذهاب الى جدة 

في احدى المرات تعرض دوتي لمهاجمة احد اللصوص وكاد ان يقتله لولا ان ذكره دوتي بان انجلترا سترسل سفنهم للانتقام منه

لم يستطع دوتي ان يذهب الى جدة بسبب انهاك و عجز جمله، وتابع سفره الى الطائف و تعرض مرة اخرى لمحاولة سرقة وقتل من جنود الشريف

جرده الجنود من سلاحه وملابسه مهددين بقتله الا انهم استجابوا لتوسلاته ليبقى على قيد الحياة 

مرت بجانبهم قافلة متجهة الى مكة، ولما سمع اصحابها ان هناك نصراني قال احدهم "اخس، نصراني .. لعن الله والده" 

كان يرافقه في القافلة رجل من المدينة المنورة كان متجها الى جدة وكان يتعامل معه بشكل عدائي في البداية الى ان تغير موقفه معه الى شكل ودي

وصل دوتي الى الطائف وكانت ارض مخضرة لم يرى مثلها مثيلا منذ ان غادر دمشق، وعندما دخل الطائف كان لباسه ممزقا و لحيته طويلة 

اخذ حماما و ذهب للحلاق وقص لحيته ثم ذهب لمقابلة الشريف بعد ان لبس زي جندي بطربوش، وشعر في مجلسه انه في عالم الحضارة 

طمأنه الشريف بانه يمكنه التجوال حيث شاء في الطائف، وعندما يرتاح، يرسله الى جدة عند القنصل البريطاني 

وجه الشريف بمتابعة الجنود الذين سرقوه فاستعاد مسدسه و امواله منهم و عاقبهم الشريف و نكل بهم ووضعهم في القيود 

بعد اربعة ايام توجه دوتي الى جدة تاركا مكة وراء ظهره، وفي الطريق مر على سوق عكاظ 

لم يعلم دوتي انه كان هدفا للقتل من مرافقيه البدو بسبب انه نصراني، وكانوا يبتسمون عندما يقول لهم بان الله معنا في كل مكان 

كان يأكل الطعام مع مرافقيه الا رجل واحد، كان لا يريد الاكل مع كافر. في النهاية اتفق دوتي معهم ان لا يتحدثوا عن الاديان لتجنب الحساسية

وصل دوتي الى جدة عام ١٨٧٨، وتوجه الى عدن ومنها الى الهند. عاد دوتي الى اهله في نوفمبر من نفس العام 

كان دوتي هزيلا و ضعيفا وقدرته على تحدث الانجليزية بطلاقة ضعفت لانه كان لا يتحدث الا بالعربية 

عاد دوتي الى سوريا حيث جمع كل كتبه التي تركها وديعه عند القنصل البريطاني، و سافر الى نابولي ليكتب عن رحلاته 

اجمع النقاد ان كتب دوتي عن الرحلات تحفة من تحف ادب الرحلات 

بعد ٣٠ عاما من مغادرة الجزيرة العربية، ارسل دوتي هدية الى البسام و الكنيني في بريدة عن طريق القنصل البريطاني في دمشق

لم تصل الهدية الى البسام و الكنيني لانهما قد توفيا. الا ان ابن البسام - سليمان - تسلم الهدية عن والده 

ارسل الهدية التي لم يستلمها احد من عائلة الكنيني الى كلية كايوس في كامبريدج، وعاش بعدها منطويا مريضا 

عناية زوجته له مكنته ان يبقى على قيد الحياة حتى توفي عام ١٩٢٦ وقد ناهز ال ٨٠ عاما ……. انتهى 

No comments:

Post a Comment