Sunday, October 12, 2014

رحلات محرمة - الرحالة يوليريك ياسبر سيتزن


ولد الرحالة الالماني يوليريك ياسبر سيتزن في قرية سوفيانجرودن عام ١٧٦٧ للميلاد، وكان والده مزارعا ثريا فاعتنى بتعليمه كافة العلوم

حصل سيتزن على الجنسية الروسية القيصرية وعمل مستشارا في احدى الامارات الالمانية التابعة آنذاك لقيصر روسيا 

خطط سيتزن اولى رحلاته للشرق عام ١٨٠٢ وتلقى دعما كبيرا من الوجهاء، ودعموه بالمال و المعدات الفلكية ودعم لمتحف كان ينوي اقامته 

كان سيتزن ضعيف البنية ولكن ارادته قوية، بدأ رحلته الى الشرق وصاحبه دليل الطرق - يعقوب - لكنه انهار و ترك سيتزن وعاد لبلاده

قضى سيتزن ستة اشهر في القسطنطينية وحيدا، وواصل منها الى آسيا الصغرى، وقضى بعدها عاما في حلب و عاما آخر في دمشق

تعلم في دمشق اللغة العربية و درس عادات و تقاليد العرب عام ١٨٠٥، و أهل نفسه للقيام برحلة للجزيرة العربية 

كان سيتزن يعاني من اعتلال نفسي، ففي مرة القى بنفسة في نهر الدانوب في الشتاء اثناء احدى نوباته و تم انقاذه 

في رحلته للشرق كان متخفيا كل مرة، في رحلته للبحر الميت تخفى بزي شحاذ، وتجول في البتراء و غيرها من اطلال المدن القديمة 

سافر عبر فلسطين الى مصر وفيها خطط لاستكشاف الجزيرة العربية و زيارة مكة و المدينة منتحلا اسم موسى حتى يبعد الشكوك عن نفسه

كان مهمة سيتزن الحقيقية هي ارسال تقارير للقيصر عن الوضع العسكري والتي كانت روسيا توليها اهتماما ضمن خطتها التوسعية 

عام ١٨٠٦ تعرف على دليل من اتباع المذهب الارثودوكسي عاش ١٥ عاما في قبيلة -عنزة- يرافق التجار مرة و يتاجر بنفسه مرة اخرى 

استفاد سيتزن منه كثيرا و تعرف على حياة البدو و عاداتهم و دونها وهو في القاهرة 

خلال رحلته في الاطراف الشمالية للجزيرة العربية دون ملاحظات عن حياة طائفة من قبائل البادية تعيش حياة همجية مطلقة 

هذه القبيلة لا تعيش في خيام وتعيش في مغارات ولا يركبون الخيول ولا اكل لهم غير ما يصطادونه من رحلات القنص

ما زاد عن حاجتهم من اللحوم جففوه، وكانوا يقايضون ما يجمعونه من ريش النعام بالبارود و الرصاص و القمح

من الشام توجه سيتزن الى مصر وفيها اعلن اعتناقه للاسلام حتى تتسهل مهمته لمكة و المدينة، ابحر سيتزن بعدها من السويس الى مدينة ينبع 

نصحه احد التجار ان لا يزور المدينة المنورة لانها واقعه تحت سيطرة (الوهابيين)، توجه القبطان بعدها الى ميناء جدة بدلا من ينبع

وصل سيتزن الى جدة وتوجه الى بيت عبدالله السقاط، احد اعيان جدة، ليدرس قواعد الدين الاسلامي التي لم يكمل دراستها بعد 

كانت الحجاز ذلك الوقت واقعة تحت سيطرة الدولة السعودية وكان ابن سعود يأتي الى مكة للحج في كل عام ما بين ١٨٠٨ - ١٨١٣

احيا ابن سعود شعيرة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحجاز حتى لم يجرؤ احد على التدخين او التخلف عن صلاة الجماعه

نتيجة لعداوة الدولة العثمانية للدولة السعودية، توقف وصول قافلتي الحج الشامي و المصري 

كانت الدولة العثمانية تعد في الخفاء العدة للثأر من ابن سعود وتؤلب عليها القبائل 

نجح ابن سعود في توسيع نفوذ حكمه حتى كاد ان يصل جيشه الى ابواب دمشق عام ١٨١٠، اغاظ هذا النجاح الدولة العثمانية 

اوكلت الدولة العثمانية آن ذاك الى والي مصر محمد علي باشا ترتيب حملة عسكرية ضد الدولة السعودية 

من جدة تحرك سيتزن الى مكة على قدميه فوصل اليها ليلا، ومع الساعات الاولى للصباح، توجه الى الحرم المكي مع دليل في مكة

وصف سيتزن الحرم المكي بانه ساحر الوصف طوله ٣٠٠ خطوة و عرضه ٢٠٠ خطوة وداخله عدد من الابنية، ليست بالضخمة

تحيط بالحرم مرتفعات تطل عليه، منظره ساحر و متدرج و يترك انطباعا جذابا لا يمكن ان يقارن باي مسجد آخر 

بقي سيتزن في مكة شهرا يدرس عند علمائها، عاد بعدها الى جدة لينتظر موسم الحج، قرر سيتزن بعدها زيارة المدينة المنورة 

غادر الى المدينة ووصل اليها مع خادمه، ووصف الحرم النبوي بانه واسع بحد كبير وفي غاية الجمال 

زار سيتزن الاماكن التاريخية داخل المدينة المنورة و خارجها، عكف على دراسة المدينة المنورة و رسم خرائط لها 

اثار سيتزن شكوك امير المدينة فتم استدعاؤه وساله: من انت و متى جئت ولماذا بقيت في المدينة كل هذه المدة؟

سأله لماذا تدس انفك في كل ركن من اركان المدينة؟ عندما علم الامير انه ليس من جواسيس الاتراك وانه خديث الاسلام اطلق سراحه 

وصلت لسيتزن رسالة من عبدالله السقاط يستعجله العودة لجدة خوفا عليه من طول اقامته في المدينة 

عام ١٨١٠ توجه سيتزن لمكة لاداء فريضة الحج، قال سيتزن: دخلت قافلتنا مكة بصعوبة شديدة بسبب الزحام الرهيب 

كان ينتظر خارج الحرم خوفا من ان تدوسه الاقدام من الزحام و انتظارا لان يخف اعداد الحجاج داخل الحرم 

كان من بين الحجاج (الوهابيون) القادمون من نجد، و المغاربة، و الزنوج، والافارقة، والفرس، والافغان، والهنود، الجاوة وقليل من الاتراك

كان الحجاج متماسكين حتى لا يفرقهم الزحام، وتاتي مجموعه من ١٠٠ حاج متماسكة تخترق الزحام الى الطواف 

حج سيتزن مع عبدالله السقاط و شهد من منزله في منى نفرة الحجيج الى عرفة، وصل الى عرفة حيث كانت الخيام تغطي نصفها

كان الحجاج مجتمعون عند جبل الرحمة يرددون (لبيك اللهم لبيك)، وبعد النفرة من عرفة قضى ليلة باردة في مزدلفة 

يوم العيد في منى شاهد سيتزن الافارقة يجففون اللحوم ليستعينوا بها في رحلة العودة 

مكث سيتزن شهرين في مكة بعد ادائه للحج ومنها حمل اسم - الحاج موسى -ونجح في رسم خريطة لمكة وشوارعها واخرى للحرم الشريف

على غرار ما فعله امير المدينة، استجوبه شريف مكة حول نشاطاته بعد ان ثارت الشكوك حوله وحول خرائطه وزياراته 

في مكة، تذوق سيتزن لاول مرة طعم الجراد، ووجد مذاقه جيدا اذا غمس في الزبدة، وكرر اكل الجراد خلال رحلته لليمن 

غادر سيتزن مكة متجها الى جدة عام ١٨١٠ وغادر منها بحرا الى اليمن، و عندما اقترب من صنعاء، هبت عاصفة مطرية سببت له حمى الملاريا

ضعف ولم يعد يقوى على المشي، حتى انه صار ينقل محمولا، وشفي من الحمى بعد فترة 

صرف سيتزن اهتمامه للكتابات الاثرية و قادته خطاه الى ظفار حيث عثر على بعض الكتابات الاثرية 

رحل الى المخا حيث كتب عن الاثار و ارسل نسخه من كتابات اثرية نسخها في اليمن لاوروبا، وكان اول اوروبي يعرف عن الكتابات الحميرية

غادر سيتزن الى عدن حيث سبقته سمعته الى هناك على انه ساحر و مشعوذ، وقتل بعد يومين من مغادرة المخا مسموما عام ١٨١١

اكتشف قاتلوه انه كان يحمل مجموعه من الصحور و عينات من حيوانات ميته وافاعي ادعوا انه كان يستخدمها للسحر الاسود 

ضربت اليمن تلك الفترة موجة جفاف و اعتقد اليمنيون ان سيتزن كان يستخدم هذه الادوات لمنع نزول المطر في اليمن 

كان سيتزن يعتقد ان لحيته الطويلة و لغته العربية و اسلامه الظاهري سيحميه من كل الشكوك خلال رحلته 

ارسل قاتلوه عينات من مقتنياته لامام اليمن ادعوا انه كان يستخدمها لاعمال السحر 

مات سيتزن وفي حوزته ادوات فلكية، اعشاب مجففة، كتاب و ٦٠٠ قرش

استشعر سيتزن انه سيقتل وقبل ان يرحل من المخا، استأمن مذكراته لدى ايطالي يسكن في المدينة يدعى بنزوني

قال سيتزن في آخر رسالة له انه اذا كتب له العيش بعد رحلته في الجزيرة العربية، سيرحل لافريقيا حاملا معه قناع الاسلام الذي يرتديه

ارسل الايطالي بنزوني مذكرات سيتزن الى اوروبا حيث طبعت … انتهى 


No comments:

Post a Comment