Monday, October 6, 2014

رحلات محرمة - رحلة كارستن نيبور


رحلة كارستن نيبور

موعدنا الليلة مع الرحالة كارستن نيبور الذي زار الجزيرة العربية وابدع في وصفها ولم يتسنى له زيارة الحرمين الشريفين 

ولد نيبور عام ١٧٣٣ جنوب المانيا ولكنه كان يعتبر نفسه دنماركيا والتحق بها لخدمة ملك الدنمارك، اظهر نيبور تفوقا في الدراسة

حصل على منحة لدراسة الفلك، ونصحة مدرسه المستشرق الالماني ميخائيليس الانضمام لبعثة استكشافية لاستكشاف الجزيرة العربية 

نجح نيبور في رسم خرائط خلال رحلته للجزيرة العربية نالت استحسان ملك الدنمارك وكافة المستكشفين الاوروبيين 

درس نيبور الجغرافيا و الرياضيات و تعلم اللغة العربية لتعينه على رحلته للجزيرة العربية، وكان متحمسا لهذه الرحلة 

اختار لبعثته الاستكشافية فون هوفن الدنماركي، بيتر السويدي، كريستيان الدنماركي، جورج الالماني، بيرجن السويدي 

غادرت البعثة عام ١٧٦١بحرا الى الاسكندرية، وقد انتحل خلال الرحلة اسما عربيا - شواش عبدالله - و تظاهر بالاسلام 

بدأ نيبور رحلته الى الحجاز عن طريق السويس، معظم التجار المغادرين لجدة لا يغادرون القاهرة الى قبل ابحار السفن بقليل

قبل الحج، كانت مدينة السويس تزدحم بالحجاج وتصل بحجم القاهرة في الازدحام

يقول نيبور "في السفينة حجزنا غرفة في الجزء العلوي لنبتعد عن الحجاج المسلمين ونكون في معزل عنهم" 

وقال ايضا "كنا نشعر بالخوف في طريقنا الى جدة لاننا كنا نعتقد  ان المسلمين يرون ان هذه الرحلة محرمة على المسيحيين" 

كان الحجاج المسلمون ينظرون اليهم نظرة شك حالهم حال القسيس الذي ينظر الى ملحد، ولكن لم يتعرضوهم بأذى

كان امام غرفتهم تاجر ثري متجه الى المدينة امتلأت غرفته بالطرود و الصناديق ولم يبقى بها مكان الا لقهوته و النرجيلة

عندما وصلت السفينة الى الطور توقفت للتزود بالماء، ونزل بيتر للبحث عن قرية مسيحية وتاه بعيدا عن السفينة 

افتقده المسلمون في السفينة فارسلوا للبحث عنه الى ان وجدوه و اعادوه للسفينة وبكل امان، وقال فيها نيبور ..

"لم اكن اتوقع هذه الشهامة و الكرم من المسلمين، فقد اعتادوا على التعامل مع الاجانب ووجدوا من واجبهم حماية الاجانب المسيحيين"

خلال الرحلة تنبأ نيبور بكسوف الشمس، كان المسلمون يعتقدون ان الاطباء و العظماء وحدهم من يتنبأ بالظواهر الطبيعية 

اعتبروا نيبور طبيبا عظيما و كان المرضى يأتون اليه طلبا للعلاج و الدواء

في عرض البحر فاجأتهم عاصفة قوية وشاهدوا مركبا يغرق امامهم و آخر طافيا سرعان ما اغرقته الامواج العاتية 

خشي القبطان اليوناني ان يهرب بحارته، ففك الحبال التي تربط زوارق الانقاذ معرضا حياته لغضب البحارة الذين فقدوا مراكب الانقاذ 

اقنعهم القبطان بقدرته على انقاذ السفينة فعاونه البحارة و الركاب المسلمون الى ان ابحروا خارج نطاق العاصفة 

اطلقت السفينة مدافعها فرحا و اشعلت القناديل مساء ابتهاجا بنجاتهم من موت محقق، واخيرا ظهرت لهم مدينة ينبع

كانت ينبع محاطة بالاسوار و منظرها جميل من البحر، مدخلها من طريق البحر كان ضيقا ،ولكنه آمن، غادر السفينة الحجاج المتجهين للمدينة 

كان نيبور يرى في الصباح الباكر ٣ او ٤ نسوة يغتسلن عرايا عند الشاطئ، وكان طوال فترة الرحلة لم يرى وجه امرأة 

نزل ثلاثة من رفاقه لينبع معهم سيوفهم، وغضب احد المسلمين عندما علم انهم اوروبيون وقد اتو الى ينبع مسلحين

لحسن حظهم ان اغلب سكان المدينة من المسالمين الذين سمحوا لهم بالتجول بحرية وبالعودة للسفينة، وغادرت بعدها السفينة متجهة الى رابغ 

كانت رابغ قرية للبدو وكان سكانها يحملون الماء و الطعام للشاطئ لبيعه على السفن القادمة و المغادرة، وكان على المسلمين الاحرام من منها

غادرت السفينة رابغ متوجهة الى جدة في رحلة تستغرق يوما واحدا ووصلت اليها في اليوم التالي 

جلس نيبور ورفاقه في السفينة يومين الى ان غادر كل المسلمون منها، حتى لا يزعجوهم، واتخذوا كل التدابير حتى لا يتعرضون لمشاكل

تفاجأ نيبور بمعاملة سكان اهل جدة الحسنة مع المسيحيين التي كانت افضل من المعاملة التي تلقوها في القاهرة 

رغم ان جدة بوابة الحرمين الا ان سكانها لا يمانعون من رؤية الاوروبيين بملابسهم التقليدية ولم يجد السكان فيهم ما يريب 

زار نيبور احياء جدة ومقاهيها و اسواقها دون ان يتعرضه احد، و كان لا يسمح للمسيحيين التوجه جهة باب مكة 

دلهم سكان جدة على قبر حواء، وقد بنيت فوقها قبة، ووجد نيبور الفرصة لان يبدأ برسم خريطة لجدة 

حدد في الخريطة معالم باب الشريف، باب الحديد، باب مكة، مدافن المسيحيين، ضريح حواء، مرسى السفن و غيرها

كانت جدة مزدهرة تجاريا و تاتيها البضائع من كل مكان من مصر و الهند و سوريا 

وصف نيبور مكة و المدينة سماعا دون ان يزورهما، وكان يقول انهما تحفة المدائن و تستحق كتابا كاملا للوصف 

كانت مكة و المدينة خاضعة للسيطرة العثمانية اسميا ولم يجد فيها من مظاهر للسيادة العثمانية سوى قافلة الحج القادمة من دمشق 

تحمل هذه القافلة هبات لشريف مكة و المدينة و شيوخ القبائل التي تمر منها القافلة، كما تم تعيين باشا تركي في جدة 

كان الباشا التركي يتقاسم دخل الجماركمن الميناء مع شريف مكة 

قال نيبور "لولا المبالغ المالية التي كان يدفعها السلطان العثماني لشيوخ القبائل العربية و الشريف، لتم طردهم من الحجاز"

من مآثر العثمانيين في الحج، توزيعهم حمولة ٢٠٠ جمل من الماء يوميا على الحجاج مجانا 

هذا بالاضافة لهدايا اخرى كانت تقدم للكعبة المشرفة و الهدايا التي ترسل للحجرة النبوية في المدينة المنورة 

كان الاشراف يتنازعون على حكم مكة، في ذلك الوقت تم تنحية الشريف مسعد و تعيين ابن اخيه، ثم نحي و عين الشريف احمد

وصف نيبور مكة قائلا "تبعد مكة مسافة يوم كامل وكانت شديدة الحرارة في الصيف، وتغلق النوافذ نهارا و ترش الطرقات بالماء

مسنوى العمران في مكة جميل جدا لانها مقر اقامة الوجهاء، وبيوتها من اجمل بيوت الجزيرة العربية 

كان نيبور يديد الذهاب الى مكة الا انها محظورة على غير المسلمين رغم انه لا يوجد في تعاليم الاسلام ما يمنع، الا انه التعصب 

قال نيبور "كان المسلمون يعتقدون ان هناك قوى خارقة تحمي مكة من زيارة "الكفار" .. وقال ان هناك قصة نصراني دخل مكة خلسة ..

فهاجمته الكلاب لوحده لانه نصراني ولكنه نجا باعجوبة، ولاحقا اعتنق الاسلام بسبب هذه التجربة"

رغم ان المسلمين يمنعون المسلمين من زيارة مكة، الا انهم لا يترددون في وصفها لهم، ومن خلالها قدم نيبور وصفا لمكة و الكعبة 

قدم نيبور معلومات دقيقة عن الحج على انها فريضة في العمر مرة واحدة، وغير القادر على الحج يوكل غيره 

ولا يجوز للمتوكل الحج عن اكثر من شخص و لابد من ان يحضر اقرارا من امام الحرم انه قام بالحج نيابة عن موكله 

وفي وصف المدينة المنورة نقل عن من سمع منهم ان قبر الرسول  صلى الله عليه وسلم في الركن القصي من المسجد حتى لا يتخذه الجهال معبدا 

سخر نيبور من وصف الاوروبيين ان قبر الرسول صلى الله عليه وسلم معلق في الهواء بسبب قوة مغناطيسية 

حجرة قبر الرس،ل صلى الله عليه وسلم مغطاه بالحرير المطرز، ويغيره باشا دمشق مرة كل سبع سنوات 

سقوم على خدمة الحجرة النبوية ٤٠ من الاغوات من مهامهم الحفاظ على موجودات الحجرة النبوية التي يهديها اغنياء المسلمين

معظم الموجودات داخل الحجرة النبوية من الاحجر الكريمة 

لم يرى نيبور عاصمة بلاده الا بعد ست سنوات من مغادرتها و امتدت رحلته بعد الجزيرة العربية الى الهند

هلك كل افراد بعثته بسبب الامراض ولم بنجوا منهم الا نيبور، وكان السبب في ذلك اتباع اسلوب العرب في الحياة و الماكل 

عاد نيبور الى الدنمارك عام ١٧٦٧ والف كتابا عن وصف الجزيرة العربية عام ١٧٧٢ و كتابا اخر عن رحلاته عام ١٧٧٤

توفي نيبور عام ١٨١٥ عن ٨٢ عاما وقد استقبلته المحافل الاوروبية بحفاوة وكان عضوا في المحافل العلمية في عدة دول اوروبية 

كرمته بلاده واطلقت اسمه على معهد الدراسات الشرقية في كوبنهاجن … انتهى 

No comments:

Post a Comment