رحلات محرمة - الرحالة جوزيف بيتس

الرحالة جوزيف بيتس

الرحالة جوزيف بيتس هو اول رحالة انجليزي مسيحي يدخل الاراضي المقدسة و يكتب عنها 

قادته الصدف لان يقع اسيرا في ايدي المسلمين الجزائريين، وقاده سيده الى مكة في رحلة الحج، وقضى في بلاد المسلمين ١٥ عاما

كان بيتس من اكثر الرحالة دقة في وصف مكة، وبلغت موضوعيته ان تناسى ان يشير الى المعاملات السيئة التي تعرض لها على يد سيده

وبد الرحالة في مدينة اكسون الانجليزية و عمل بحارا في احدى السفن في البحر المتوسط خلال فترة الجهاد البحري بعد سقوط الاندلس

كان المسلمون ممن طردوا من الاندلس و بمؤازرة من الدولة العثمانية يشنون حرب قرصنة على السفن الاوروبية 

في عام ١٦٧٨، وقع بيتس اسيرا لدى بحارة جزائريين، ظن بيتس ان الجزائريين سيقتلونهم و يأكلونهم 

طمأنه قائد السفينة الهولندي ان الجزائريين سيأخذونهم للجزائر حيث سيباعون في سوق العبيد 

حول الجزائريون حمولة السفين الى سفينهم ومن ثم اغرقوا السفينة الانجليزية في البحر، وكل هذا كان يتم بيسر وسهولة 

وصف بيتس سوق العبيد قائلا: يصنف العبيد حسب الصحة و القوة و حسن المظهر و بعد ذلك يباع العبيد حسب المزايدة 

نفى بيتس ان الجزائريين كانوا يجبرون العبيد المسيحيين على اعتناق الاسلام، والمسألة كانت اختيارية، ولكن يعلمونهم اللغة العربية

بيع بيتس ثلاث مرات من سيد لاخر الى ان استقر به المقام مع سيده الذي اخذه لرحلة الحج، ومن هنا نورد تغريداته عن رحلة الحج ..

كانت هناك اربع قوافل سنوية تتجه للحج، القافلة الاولى من المغرب، والثانية من مصر وهي افضل القوافل تنظيما وحراسة

القافلة الثالثة تنطلق من الشام و تشمل تركيا وبلاد الاناضول، و القافلة الرابعة تنطلق من الهند وتحمل معها التجارة الكثيرة 

تصل هذه القوافل تباعا مع فروق ثلاثة الى اربعه ايام 

في الجزائر ينادي المنادي عن موعد ابحار السفينة المتجهة الى الاسكندرية، وكان السفر بحرا اقل مشقة من السفر برا 

تستغرق مدة السفر الى الاسكندرية حوالي ٤٠ يوما، وبعد ٢٠ يوما من الوصول الى الاسكندرية، تبحر السفينة عبر النيل مدينة رشيد

كتب بيتس عن انفلات الامن في مصر خلال فترة توجه الحجاج الى مكة، ويعلم اللصوص ان الحجاج يحملون الكثير من المال

في كل مرة يهاجمهم اللصوص في مصر، يطلقون التار في الهواء و يهرب اللصوص خوفا من الاسلحة النارية 

كتب بيتس عن التعايش السلمي آنذاك بين المسلمين و الاقباط، ولا يميز بينهم الا لون العمائم، المخطط بالازرق للاقباط و الابيض للمسلمين

كانت اسعار المواد الغذائية في مصر رخيصة الثمن مقارنة باسعار المواد الغذائية في البلاد الاخرى 

كان هناك نظام صارم ضد الغش التجاري، تصادر سلع الغشاشين و تعطى للفقراء، و يجلد التجار 

تزودت قافلة بيتس بمؤن اربعة اشهر تكفيهم خلال رحلة الحج وحتى العودة للقاهرة، وعادرت الى السويس و منها الى البحر الاحمر

كان الابحار ليلا مليئ بالمخاطر بسبب الشعب المرجانية و الصخور، و استغرقت الرحلة الى مدينة رابغ شهرا، ومنها غادرت الى جدة

وصلت القافلة الى جدة و فيها استقبلهم وكلاء المطوفين الذين اقتادوهم الى مكة المكرمة 

سارت القافلة في شارع كبير يتوسط مكة و يقود للحرم، توضأ افراد القافلة و دخلوا الحرم المكي من باب السلام 

وصف بيتس منظر الحجاج بعد ان رأوا الكعبة وكيف كانت اعينهم تفيض من الدمع، بعد الطواف خرج الحجاج لشارع جابي خرج الحرم

في هذا الشارع هرول الحجاج ذهابا و ايابا فيما عرفه لاحقا بالصفا و المروة، كان يتملكه اعجاب شديد بقوة ايمان الحجاج 

بعد ذلك عاد بيتس و سيده للقافلة في الشارع و منها استأجروا منزلا و تحللوا من احرامهم و لبسوا ثيابهم المعتادة 

قال بيتس ان المطاف لا يخلوا من الحجاج ليلا و نهارا، في وصف مكة قال بيتس انها تقع في وادي بين الجبال 

وقعت عيناه على جبل حراء حيث كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يتعبد واثار هذا الغار اعجابه 

كانت حرارة مكة قاتلة وكان سكانها ينامون ليلا في اسطحها طلبا لنسمة هواء باردة، وكانوا يبللون قطعة قماش بالماء ويبللون انفسهم بها

كان بيتس يبلل الاقمشة ثلاث مرات ليلا ليتبرد بها، وفي كل مرة يستيقظ فيها كان يجدها قد جفت 

وفي وصف الحرم قال: كان للحرم ٤٢ بابا ووسط المسجد حصبات يفصل بينها، كان داخل الحرم اماكن للمتعبدين و الدارسين 

الكعبة كانت مكسوة بالاسود و مطرزة بالذهب ولم يعرف بيتس ما كان مكتوبا عليها 

باب الكعبة بارتفاع قامة الانسان ويفتح مرتين كل ستة اسابيع، يوم للرجال ويوم للنساء، وقد دخل بيتس الكعبة مرتين خلال اربعة اشهر

من يتمكن من دخول الكعبة لا يستطيع البقاء فيها اكثر من نصف ساعة، حيث ينتظر آلاف الحجاج دورهم خارج الكعبة 

في ذلك الوقت كانت المياه متوفرة و كذلك جميع انواع الفواكه كانت متوفرة بسبب الحجاج الذين يأتون بها من بلدانهم 

الكعبة كانت تغسل بماء زمزم و يجتمع الحجاج عند باب الكعبة ليتبركوا برذاذها و يحتفظوا بالمكانس تبركا 

الكسوة كانت تاتي من مصر سنويا وكان اهالي مكة يستقبلونها استقبالا حاشدا و تنهمر الدموع من اعينهم فرحا بقدومها

كان عند بئر زمزم اربعه رجال يسحبون الماء دون مقابل لتملأ قوارير الحجاج و يغتسلون بمائها 

في اليوم التاسع من ذي الحجة يبدأ الحج وكان الحجاج يقسون على انفسهم ويحملقون في قوالب حديدية ساخنة ليفقدوا القدرة على الابصار

الغرض منها ان لا تقع عيناهم على ما حرم الله، وبعد يوم عرفة ينال كل حاج لقب "حاجي"، في مزدلفة يجمعون ٤٩ حصاة للجمرات

عند الجمرات يصرخ الحجاج "ارجموا الشيطان وحزبه" وكانوا يرجمون شاخصا صغيرا داخل بناء مربع صغير 

بعد ذلك ينصرف الحجاج لذبح الاضاحي و الاكل منها وتوزيع لحومها على فقراء اهل مكة ومن قدم من خارجها 

يوم العيد تضاء منى كلها وتطلق المدافع و الاعمال النارية في الهواء فرحا بالعيد، بعد العودة الى مكة ينخرط الحجاج بالبكاء 

يمكث الحجاج بعد الحج ١٢ يوما حيث تعقد سوق كبيرة فيها بضائع من الهند و اليمن و الصين، ويشتري الحجاج ما يمكنهم 

يحرص الحاج على ان يشتري كفنا و يغشله بماء زمزم و ياخذه معه في السفر حتى ان مات يكفن فيه 

مغادرة مكة كانت اصعب لحظات الحجاج حيث تمتلئ اعينهم بالدموع و البكاء على فراق بيت الله الحرام، بعد صلاة ركعتين يغادر الحجاج

لا يدير الحجاج ظهورهم للكعبة احتراما لها، بل يرفعون ايديهم للسماء و يدعون و يسيرون للخلف وهم في مواجهة الكعبة 

يظل حالهم هكذا الى ان تختفي الكعبة عن الانظار و بعدها يولون الادبار لمكة و يغادرون 

غادر بيتس مع سيده الى المدينة المنورة، و استأحرا جمالا مع جمالين لتامين رحلتهم الى مصر، وكان ملزما بتوفير الجمال حاول موت احدها

كان كل يوم يمر، تموت اعداد من الجمال بسبب قساوة المناخ وصعوبة الرحلة، وكانت كل اربعة جمال تربط مع بعضها البعض

كانت القافلة ترتحل ليلا و ترتاح نهارا بسبب الاجواء الحارة، ولم تتوقف القافلة ليلا الا عند صلاة العشائين 

كل حاج كان ملزما بحمل طعامه و شرابه، وشاهد بيتس في القافلة حاج ايرلندي قضى في العبودية ٣٠ عاما في فرنسا و اسبانيا

رحل الايرلندي الى الجزائر واعتنق الاسلام ورفض ان يغير دينه للمسيحية وشكر الله ان اوصله الى جنة مكة 

من الصعوبات التي وصفها بيتس في مذكراته اللصوص، عندما ينام الحاج على جمله، يقتاد اللص الجمل الى خلف الجبال

عندما يبتعد اللصوص عن القافلة ويستيقظ الحاج يجد نفسه امام خيارين، اما يقتل او ان يجرد من ملابسه عاريا و يطلق سراحه 

بعد عشرة ايام وصلت القافلة الى المدينة المنورة قضى فيها بيتس يومين ومن ثم غادرت القافلة الى مصر 

في العقبة، سقطت الكثير من الجمال في منحدراتها الشديدة وكان الطريق وعرا وشديد الخطورة وعلى الحاج ان يبقى حذرا ويقظا 

على بعد سبعة ايام من القاهرة، يخرج اهلها للترحيب بالحجاج القادمين، نظرا لكبر القافلة، كان الاقارب ينادون ذويهم باعلى صوتهم 

قبل الوصول للقاهرة بثلاثة ايام، كان الناس ينتظرون القافلة محملين بماء النيل، وقبل الوصول اليها بيوم، استقبل القافلة الالاف

استغرقت الرحلة من مكة للقاهرة ٣٧ يوما ومات خلال هذه الرحلة الكثير من الحجاج بسبب المرض و الحر الشديد

صادف وصول بيتس للقاهرة انتشار مرض الطاعون الذي انتشر ذلك القرن وقتل اكثر من ٦٠ الفا في اسبوعين 

غادرها بيتس سريعا الى الاسكندرية ومنها الى السفينة المتجهة للجزائر، وصعد في السفينة عدد من المصابين بالطاعون 

انتشر المرض بين افراد السفينة والقى بيتس و رفاقه اكثر من ٢٠ جثة في البحر

نجا بيتس من المرض ولكنه اصيب به في الجائر وشفي منه باعجوبة 

بعد ان وصل للجزائر، اعتقه سيده ونال بيتس حريته بعد قضاء ١٥ سنة في العبودية، بعدها توجه الى تركيا 

كان بيتس خائفا ان يموت ويدفن في مقابر اليهود، وكان اليهود قد طردوا من اوروبا و اخذوا على المسلمين حمايتهم لهم 

توجه بيتس بعدها الى جنوة ومنها الى وطنه بريطانيا، كان صعبا عليه التأقلم وندم ان ترك الجزائر، ولكنه سرعان ما تأقلم 

كتب بيتس كتابا عن الاسلام عام ١٧٠٤ ولاقى الكتاب استحسانا واسعا في انجلترا 

عكف بيتس بعدها قراءة الكتب عن الاسلام و التفرغ لتفنيد ما جاء فيها من مغالطات …. انتهى