Wednesday, October 15, 2014

سيرة الملك الصالح، ملك ليبيا محمد ادريس السنوسي


ولد محمد ادريس السنوسي في ١٢ مارس من عام ١٨٩٠ بزاوية الجغبوب، وكان مولده يوم فرح لاتباع الحركة السنوسية 

نشأ محمد ادريس السنوسي في رعاية ابويه و تولت جدته لامه تربيته بعد وفاة والدته، وبدأ بحفظ القرآن في سن السابعة من العمر

تتلمذ على يد العلماء و منهم العلامة العربي الفاسي، احمد ابي سيف، العربي الغماري، حسين السنوسي، احمد الريفي و غيرهم 

اتقن القراءات و علوم الحديث كما اتقن البخاري و مسلم ومسند ابي داوود و الترمذي و النسائي وابن ماجة و موطأ الامام مالك 

كان مجلسه العلماء و الادباء، يجلهم ويحبهم و يكبر ما في نفوسهم من العلم و ينزلهم منزلة خاصة 

كان لا يتحدث في موضوع الا و يعلل رأيه فيه بعد تدقيق و تمحيص ثم يأتي بالحجج الدامغة و البراهين من كتاب الله و من الحديث 

كان قوي الذاكرة، سريع الخاطرة، متين الحجة جميل المعشر و يهتم بالفقراء والمساكين، رحيما باتباعه و خدمه 

كان رحمه الله حريصا على وحدة الصف السنوسي امام اعداء الاسلام، ونختصر اسمه من هنا الى ادريس السنوسي 

بعد ان بدأ الطليان هجومهم على الاراضي الليبية، رأى الاخوان اسناد الزعامة الى ادريس السنوسي كحق موروث له، الا انه رفض

اسندت الزعامة بعد اجماع المجاهدين الى ابن عمه احمد الشريف السنوسي 

سافر ادريس السنوسي الى الحجاز لتأدية فريضة الحج عام ١٩١٢، وكانت الرحلة مليئة بالعبر و الدروس و تركت اثرا عميقا في نفسه 

احتك بالحكومة المصرية وزعيم الثورة العربية الشريف حسين و قادة الانجليز في مصر 

تولدت لديه قناعات فيما يتعلق بالسياسة الدولية وطبيعه الصراع بين الاتراك و الانجليز، واتخذ مسارا لخدمة شعبه ووطنه و بلاده

رأى انه ليس من مصلحة الحركة السنوسية الدخول مع الاتراك في حربهم ضد الانجليز، ونصح احمد الشريف بذلك بعد عودته

رغم ذلك دخل احمد الشريف في حلف مع الاتراك و الالمان ضد الانجليز، و مني جيش احمد الشريف في مصر بهزيمة  

ظهر ادريس السنوسي على مسرح العمل السياسي وكان ظهوره مصلحة للبلاد لما تمتع به من صفات اهلته لزعامة برقة، شرق ليبيا

دخل ادريس السنوسي  في مفاوضات مع الانجليز ليتوصل معهم الى اتفاق لفتح الطرق مع مصر لانهاء حالة المجاعة التي ضربت البلاد 

اشترط الانجليز دخول حليفتها في الحرب العالمية الاولى ايطاليا في المفاوضات و اضطر ادريس السنوسي الى الموافقة

لم يكن موقف ادريس السنوسي قويا في المفاوضات بسبب هزيمة جيش احمد الشريف في مصر، كان رصيده الوحيد ولاء القبائل

بدأت ثورة الاتراك ضد السنوسية عام ١٩١٦ وانتشرت في عدة مناطق، وساعد هذا على تقارب سريع بين ادريس السنوسي و البريطانيين 

انتصر الاتراك على السنوسيين في فزان عام ١٩١٧ وطردوا محمد عابد السنوسي الذي توجه الى الكفرة 

في اجدابية، تحرك الاتراك ضد السنوسيين بتأليب المجاهدين ضدهم منتهزين فرصة انشغال ادريس السنوسي بالمفاوضات في عكرمة

تحرك ادريس السنوسي في جيش يقوده اسد الصحراء عمر المختار الذي كان سندا قويا للسنوسية 

حاصر ادريس السنوسي اجدابية وخير الاتراك بين القتال او الانسحاب الى طرابلس، قبل الاتراك الامر الثاني و غادروا الى طرابلس

استمر الاتراك في مضايقة ادريس السنوسي للاطاحة به وتم ارسال بعثة للكقرة للاطاحة به الا انها فشلت ووقع افرادها في الاسر 

كان ادريس السنوسي على قناعة ان النصر حليف الانجليز في الحرب العالمية الاولى، لذا حرص على التقارب مع بريطانيا 

كان هدفه المحافظة على الكيان السنوسي التي كانت تركيا تعمل على تحطيمه، انسحب من الحرب ضد ايطاليا و بريطانيا ووافقته القبائل

كان ابناء البيت الادريسي في مصر حبق الوصل بين السنوسيين، و بريطانيا و ايطاليا لعقد صلح ثلاثي 

بدأت المفاوضات الثلاثية عام ١٩١٦، وكان هناك تفاهم سنوسي بريطاني، كانت العلاقة مع ايطاليا مغايرة تماما 

كانت مهمة البريطانيين سهلة و توصلوا الى اتفاق مع السنوسيين، الا ان رئيس الوفد البريطاني رفض التوقيع حتى يحصل اتفاق مع الايطاليين

اجتمعت الوفود الطرابلسية عام ١٩١٨ في جامع المجابرة بمسلاته، وتم تشكيل مجلس ادارة الجمهورية ومجلس شورى الجمهورية

قامت هذه الحكومة بارسال بلاغات الى ايطاليا، بريطانيا و امريكا و عدة دول، الا ان هذه الدول لم تعترف بها 

في عام ١٩١٩، اعلن الطرابلسيون رسميا تأسيس حزب الاصلاح للدفاع عن مكتسبات البلاد و ايقاظ الوعي الجماهيري و السياسي

استغل الايطاليون فرصة المهادنة ليلقوا ببذور الفتنة بين العرب و البربر و بين البدو و الحضر و بين سكان البلدان المتجاورة 

كانت اكبر الفتن في الحرب بين الزنتان و البربر، وفقدت طرابلس من ابنائها ما لا يعلم عدده الا الله 

استغل الايطاليون ذلك الصراع و تحركت جيوشهم للقضاء على الطرابلسيين، واحتلوا فزان عام ١٩٢٢، وبدأت المدن تتساقط امامهم 

بعد الانشقاقات العظيمة بين الزعماء، رأى العقلاء ضرورة الاجتماع في مؤتمو غريان لتدارس الاوضاع و اتخاذ موقف مشترك 

كانت الفتنة بين برقة و طرابلس قي اشتدت و حصل فتور في العلاقات بين البرقاويين و الطرابلسيين استمر ثلاث سنوات 

لحل هذه المشكلة اجتمع الطرابلسيون و البرقاويون في اجتماع سرت العظيم 

كانت ايطاليا تتابع الاخبار عن كثب و خشيت من اتفاق بين طرابلس و برقة، فقررت ايطاليا احتلال مصراتة قبل التوصل لاتفاق في مؤتمو سرت

بعد فشل المفاوضات بين الطرابلسيين و ايطاليا في ابريل من عام ١٩٢٢، رأى الطرابلسيون ضرورة مبايعة ادريس السنوسي، ووافق عليها

حصلت اشتباكات عدة بين الطليان و العرب بسبب اصرار ايطاليا على نزع سلاح العرب 

مرض ادريس السنوسي مرضا شديدا و نصحه الاطباء بضرورة الذهاب الى مصر للعلاج، وسافر اليها بعد تنظيم امور الجهاد 

عهد ادريس السنوسي الى اسد الصحراء شيخ المجاهدين عمر المختار امور تنظيم معسكرات المجاهدين 

وصف ادريس السنوسي الفترة التي قضاها في مصر بانها الاصعب في حياته و قال فيها "كانت فترة تعيسة للغاية ..

.. فقدت فيها الكثير من اصدقائي و انصاري الذين استشهدوا في معارك الجهاد ضد الايطاليين .. غمرني الحزن الشديد على حال اهل برقة ..

دمر الايطاليون المسجد الذي كان يضم رفات والدي في الكفرة و بعثرت محتويات المكتبة التي كان فيها الكثير من كتبنا و مخطوطاتنا ..

.. ما شر ازري في تلك الفترة العصيبة هو ثقتي بالله و تعاطف اصدقائنا في العالم العربي .." انتهى هنا كلام ادريس السنوسي 

 استطاع الايطاليون بقوتهم القضاء على حركة المقاومة رويدا رويدا، هاجم الايطاليوم في آخر الامر ورفلة و انحلت المقاومة تماما 

اصبحت برقة وحدها تحمل لواء الجهاد ضد الايطاليين، و هنا بدأ الجهاد بقيدة اسد الصحراء عمر المختار 

اتوقف هنا لاسرد وعلى عجالة سيرة هذا الاسد، شيخ المجاهدين عمر المختار لانه من الظلم ان يذكر اسمه دون التطرق لسيرته 

ولد عمر المختار عام ١٨٦٢، و قيل عام ١٨٥٣ في البطنان في الجبل الاخضر، والده مختار عمر من قبيلة المنفة من بيت فرحات

بعد وفاة والده، تولى تربيته الشيخ حسين الغرياني، فادخله مدرسة القرآن الكريم بالزاوية ثم التحق بالمعهد الجغبوبي لطلب العلم

مكث في المعهد ثمانية اعوام ينهل من علوم الشريعة و الفقه و الحديث و التفسير 

كان عمر المختار شديد الحرص على اداء الصلوات في اوقاتها و يقرأ القران و يختمه كل سبعة ايام 

من اسباب الثبات الذي يتميز به عمر المختار حتى اللحظات الاخيرة من حياته هو ادمانه على تلاوة القرآن و التعبد به 

ظهرت صفة الشجاعة في عمر المختار في جهاده ضد الفرنسيين في تشاد و ضد الايطاليين في ليبيا 

حفظ التاريخ رسالة من عمر المختار  الى الشيخ شارف الغرياني يقول فيها انه لا يخاف من طائرات العدو ولا مدافعه ولا دباباته ولا جنوده

ظهرت فيه رحمه الله صفة الكرم، وكان يردد على ضيوفه مقلوة مشهورة "اننا لا نبخل بالموجود ولا نأسف لمفقود

 تفوق عمر المختار على اقرانه بصفات عدة منها متانة الخلق ورجاحة العقل وحب الدعوة

 وصل امره الى الزعيم الثاني في الحركة السنوسية محمد المهدي السنوسي، فاصطحبه في رحلته من الجغبوب للكفرة عام ١٨٩٥

في عام ١٨٩٧، اصدر محمد المهدي قرارا بتعيين عمر المختار شيخا لزاوية القصور بالجبل الاخضر قرب المرج 

قام عمر المختار بأعباء المهمة خير قيام، فعلم الناس امور دينهم وساهم في حل النزاعات بين القبائل و جمع كلمتهم و سعى في مصالحهم

عندما اندلعت الحرب الليبية الايطالية عام ١٩١١، امر عمر المختار بتجنير كل من كان صالحا للجهاد في زاوية القصور من قبيلة العبيد

كان قدوم عمر المختار الى معسكرات الجهاد مشجعا وباعثا للروح المعنوية

في عام ١٩٢٣، سافر الى مصر لمقابلة محمد ادريس السنوسي، كان عمر المختار عظيم الولاء للسنوسية و زعمائها و شيوخها

حاولت ايطاليا عبثا من خلال عملائها في مصر التواصل مع عمر المختار وعرضت عليه رشاوي بمبالغ طائلة و مناصب مقابل ترك الجهاد

من شهر المعارك التي خاضها عمر المختار تلك الفترة معركة الغبي، معركة ام الشفاتير و عقيرة الدم 

كانت المعسكرات التي يقودها عمر المختار على اساس قبلي، و تعتبر وحدة عسكرية و ادارية و اجتماعية 

كان مجيء القائد الايطالي بادوليو الى ليبيا عام ١٩٢٩ مرحلة جهادية حاسمة بالنسبة للمجاهدين 

كانت سياسة بادوليو هي تخفيض الجيش الى القدر الذي يكفي للقيام بحرب عصابات و المحافظة على هيبة الحكومة 

كان يريد انفاق الاموال في مد الطرق الى الجبل الاخضر ليسهل عليه التنقلات العسكرية 

اذا ما تم ذلك، قام بهجوم كاسح على المجاهدين ليقضي على المقاومة نهائيا، لذا سعى الايطاليون الى المفاوضات لكسب المزيد من الوقت 

دخل عمر المختار في المفاوضات مع الايطاليين رغم قناعته انها لا تجدي نفعا ولكنه رضخ لضغوط قادة الجهاد ولاقامة الحجة عليهم

في المفاوضات ظهر حرص عمر المختار على رفض الخضوع لاي ادارة او سلطة غير سلطة الله و اصراره على تطبيق الشريعة الاسلامية 

اظهر بادوليو قبول الشروط، ولكنه نكث بوعده واخذ يستعد للقضاء على المجاهدين، بدأ الايطاليون ببث الفتنة بين المجاهدين 

كان عمر المختار مدركا لما يجري حوله وكان ذلك اكبر عون له بعد الله على صحة مواقفه و قوتها وفض احترامه على اعدائه قبل اصدقائه 

خاطب عمر المختار المجاهدين قائلا "فليعلم المجاهدون ان غرض الحكومة الايطالية بث الفتن و الدسائس بين المجاهدين ..

.. لتمزيق شملنا و تفكيك اواصر اتحادنا ليتم الغلبة علينا و اغتصاب حق مشروع لنا" انتهى هنا كلام عمر المختار

عين المجرم الجنرال غراسياني حاكما لبرقة. كان هذا المجرم معظما عند قومه وقام باعمال عسكرية شنيعة 

قضى غراسياني على حركة الجهاد في فزان عام ١٩٣٠، كان حقودا على المسلمين والاسلام ولم يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة 

سافر غراسياني الى روما ورجع بتعليمات من الفاشي موسوليني للقضاء على حركة الجهاد مهما كلف الامر وبكل الوسائل 

انشأ غراسياني ما سمي بالمحكمة الطائرة عام ١٩٣٠ و شرع في سياسة عزل الاهالي عن المجاهدين 

جمع غراسياني شيوخ الزوايا و السنوسيين و ائمة المساجد واقرباء المجاهدين في مراكز التعذيب و السجون ولم يرحم شيخوخة او طفولة

انشئت معتقلات في بنية، الرجمة، المقرون، سلوق، البريقة و العقيلة، سيقت القبائل الى تلك المعتقلات الشنيعة كالاغنام 

غير عمر المختار خطته و طور اساليبه لقتالية لما يتماشى مع المرحلة و اعتمد على عنصر المباغته و مفاجأة القوات الايطالية 

نقل عمر المختار عملياته العسكرية الى الناحية الشرقية في الدفنا نظرا لقربها من الحدود المصرية 

عزم غراسياني على مد الاسلاك الشائكة على طول الحدود مع مصر لقطع الامدادات، وكلف ذلك الحكومة الايطالية ٢٠ مليون فرانك

رغم شدة الحصار و القبضة الحديدية على المدن الا ان الاهالي كانوا يقومون بمساعدة المجاهدين و مدهم بالمؤن 

كانت السلطات الايطالية تعدم كل من يثبت له مساعدة المجاهدين باي نوع من المساعدة

استطاعت القوات الايطالية ان تعتقل قبائل برقة في معسكرات واسعة ومد غراسياني الاسلاك الشائكة من البحر المتوسط الى ما بعد الجغبوب

جمع غراسياني قوات ضخمة من مختلف وحدات الجيش و المرتزقة و المعدات الحربية لاحتلا الكفرة 

قامت ايطاليا بتصعيد حملات الانتقام ضد المجاهدين فقامت بسياسة التهجير و سياسة القتل و الرمي في البحر وهتك اعراض نساء الكفرة

قتل الايطاليون اهل العلم و كبار الشيوخ و مي الابرياء من الطائرات نزعت الاراضي ورحل الاطفال الى ايطاليا و نشطت حركة التنصير

كان غراسياني يملك قوة ضخمة في الارض و البحر و الجو، كانت لديه الاموال و السجون و المشانق، الا انه عجز امام عمر المختار

جن جنون غراسياني ودفعه تفكيره الى حرق الغابات ووقع غراسياني تحت تأثير عصبي حاد جراء فشلة امام عمر المختار

كان في طريقه الى الاستقالة او الاقالة لولا تقدير الله بوقوع اسد الجهاد عمر المختار في الاسر 

 رغم الصعوبات الجسيمة، الا ان عمر المختار ظل يقاوم في الجبل الاخضر

 وفي سبتمبر من عام ١٩٣١ وقع عمر المختار من على جواده في احدى المعارك و اصيب و تم اسره ونقله الى بنغازي

بعدها باربعة ايام، جرت محاكمة عمر المختار محاكمة عسكرية صورية استغرقت ساعة و ١٥ دقيقة وحكم عليه بالاعدام 

في اليوم التالي بعد المحاكمة، وفي تمام الساعة الحادية عشر صباحا، اعدم اسد الجهاد و شيخ المجاهدين عمر المختار شنقا 

رحم الله الشيخ المجاهد عمر المختار قاهر الفاشية و اسد الجهاد، واسال الله ان يحشره مع الانبياء و الصديقين و الشهداء

حزن المسلمون في العالم الاسلامي لاعدامه و قيلت فيه القصائد، منهم احمد شوقي، نعمان عبدالوهاب، ابو الخير الطرابلسي و غيرهم الكثير

بعد اعدام عمر المختار، اجمع المجاهدون على مبايعة الشيخ المجاهد يوسف بورحيل قائدا للجهاد الاسلامي 

حشدت ايطاليا قواتها وواصلت شن حملاتها بشراسة ضد لمجاهدين و استشهد منهم الكثير و استشهد المجاهد يوسف بورحيل 

بهذه النهاية المؤلمة، انكسرت شوكة المجاهدين، واخمدت حركة الجهاد وذهب الابطال تاركين خلفهم تاريخا بطوليا كفاحيا 

سعت الفاشية الى اعادة الامبراطورية الرومانية في البلدان الاسلامية القائمة على البحر المتوسط، وابادة اهل البلاد و نفيهم خارجها 

هاجر الليبيون الى تونس و الجزائر و تشاد وسوريا و الاردن ولبنان و مصر و الحجاز و تركيا تاركين اوطانهم بسبب الظـلم و الجور 

شرع الليبيون بجمع شتاتهم في المهجر لتخليص بلادهم من الاحتلال الايطالي، كانت قلوبهم تتقطع شوقا للعودة الى ليبيا 

واصل المهاجرون الجهاد وهم في ديار الهجر حتى ضاقت ايطاليا بهم ذرعا

برز من المجاهدين من مصر ادريس السنوسي ومن بلاد الشام بشير السعداوي مؤسس الجمعية الطرابلسية البرقاوية 

مع اقتراب الحرب العالمية الثانية، اصبح البريطانيون يسعون لايجاد تحالف قوي مع المعارضة الليبية، وخصوصا ادريس السنوسي 

كان ادريس السنوسي في مصر يتحين الفرصة. جمع زعماء ليبيا و تشاور معهم و درس احتمالات الموقف ووضع الخطط المناسبة

عقد الزعماء الليبيون اجتماعا تاريخيا في منزل ادريس السنوسي في الاسكندرية عام ١٩٣٩

افضى الاتفاق الى تفويض من يفاوض الحكومة المصرية او الانجليزية الى تكوين جيش ليبي في حال دخلت ايطاليا الحرب مع المانيا 

تفاوض ادريس السنوسي مع الجانب الانجليزي و اتفقوا على السماح بتشكيل فصائل مقاومة من القبائل الليبية المهاجرة 

دعا ادريس السنوسي شيوخ القبائل في مصر عام ١٩٤٠ من اجل دراسة الاحداث و التطورات الاخيرة 

اتخدت عدة قرارات منها وضع الثقة في الحكومة البريطانية، اعلان الامارة السنوسية، تعيين حكومة سنوسية مؤقتة، اعلان الحرب على ايطاليا

قدم الليبيون كل ما لديهم لدعم الحلفاء ضد ايطاليا و قام المجاهدون بدور بارز في حرب الصحراء وقدموا مساعدات للجيش البريطاني 

كانت غرب مصر وبرقة مسرحا لاطول حملة في الحرب العالمية الثانية وضرب فيها كل المنشآت الايطالية من موانئ و طرق و بنية تحتية

في عام ١٩٤٣، كانت جيوش بريطانيا و فرنسا تحاصر طرابلس وقام الحاكم الايطالي بتسليم المدينة للحلفاء 

احتلت بريطانيا برقة و اعلن الجنرال البريطاني مونتغمري ان المنطقة ستدار من قبل حكومة عسكرية حتى انتهاء الحرب، خارقين بذلك وعدهم

عارض الليبيون موقف بريطانيا وانتقدوا الدول الكبرى التي لم تلتزم بعهودها مع الليبيين 

عام ١٩٤٧، رأى البريطانيون ان تمنح برقة نوعا من الحكومة الذاتية بزعامة ادريس السنوسي ووضعت برنامج استقلال على ٣ مراحل

كان الوضع في طرابلس مختلف بسبب وجود الجالية الايطالية الكبيرة بمطامعها و تطلعاتها 

طالبت غالبية الاحزاب بدولة متحدة في برقة و طرابلس، واصبح نادي عمر المختار تنتقد بريطانيا وضد سياسة ادريس المتحالف معهم 

قام ادريس السنوسي بايقاف نشاط نادي عمر المختار ومنع جميع الاحزاب السياسية من العمل 

ارسلت الدول الكبرى لجنة لتقصي وضع ليبيا فوجدوا رغبة عارمة في الاستقلال التام، واصبح الاستقلال شيئا لابد منه 

اعلن استقلال ليبيا في ٢٤ ديسمبر من عام ١٩٥١ وكان اول رئيس للحكومة المؤقتة هو محمود المنصور 

عين الملك ادريس السنوسي حاكما على الولايات الثلاث و تقدم بطلب للانضمام الى الامم المتحدة و اليونسكو 

كان الملك ادريس السنوسي يرى ان الحياة السعيدة لا تقوم الا على الدين و العلم و الاخلاق 

كان على اتصال بجميع ملوك و حكام العرب و المسلمين مسترشدا مستعينا او ناصحا امينا و بذل جهودا كبيرة في اصلاح ذات البين

بذل الملك ادريس السنوسي كل ما في وسعه في القضايا التي تتنامى الى مسامعه، يغضي لله، و يامر بالمعروف و ينهى عن المنكر 

كانت هناك امور خرجت عن ارادة الملك ادريس السنوسي بحكم الوجود البريطاني و الامريكي 

واصل الملك ادريس السنوسي جهوده المادية و المعنوية لدعم الجهاد في الجزائر، اثبتت الوثائق التاريخية جهوده العظيمة 

ترك الملك ادريس السنوسي كتاب يبحث في قضايا الامم و الشعوب و تناول الموقف الاسلامي و اسباب تأخر المسلمين و العرب 

تحدث رحمه الله في كتابه عن الخلافة الاسلامية ما لها وما عليها و اسباب انهيارها، كما تحدث عن الاستعمار و اهدافه 

دراسة كتاب الملك ادريس السنوسي و تصريحاته الصحافية تبطل القول بانه لا يفهم في امور السياسة و اقرب للتصوف 

كان الملك ادريس السنوسي يؤمن بنهضة الشعوب واهمية النقد الايجابي، لذا سمح للمصلحين ان يتكلموا و ينتقدوا الدولة و الحاكم 

مع تقدم الملك في السن، رأى ان يتنازل عن الحكم عام ١٩٦٥ و يترك للشعب اسناد الامر لمن هو احق منه او من هو اقدر على حمل الامانة

قدم الاستقالة في عهد حكومة محمود المنتصر الا ان الضغط الشعبي الهائل اضطره للرجوع عن هذه الاستقالة 

قدم الملك ادريس السنوسي استقالته الثانية عام ١٩٦٩ عندما كان في رحلة علاج الى تركيا 

عندما وقع انقلاب معمر القذافي في الاول من سبتمبر عن ١٩٦٩، كان الملك ادريس السنوسي في رحلة الى تركيا و اليونان

لم يكن لديه مال خاص ينفق منه، عندما عرض عليه المسؤول المالي استلام ما تبقى في عهدته من مخصصات .. قال "يا ابني ..

" .. انا بالامس كنت ملك ليبيا ولم اعد كذلك اليوم، وبالتالي هذا المال لم يعد من حقي ويجب ان يسلم الى خزينة الشعب" 

استقر الملك ادريس السنوسي في مصر مدة حياته الاخيرة ولم يغادرها الا مرتين ذهب فيها لمكة للحج 

توفي الملك ادريس السنوسي في القاهرة عام ١٩٨٣ وهو في سن ال ٩٤

دفن الملك ادريس السنوسي في بقيع الغرقد. كان الملك ادريس السنوسي قد طلب من الملك خالد ان يدفن في المدينة اذا توفي

كفل الملك خالد رغبة الملك ادريس السنوسي، ونفذ الملك فهد وصية الملك ادريس السنوسي بعد وفاة الملك خالد 

نقل جثمان الملك ادريس السنوسي من القاهرة الى المدينة المنورة في طائرة مصرية خاصة و دفن في البقيع … انتهى 

No comments:

Post a Comment