Friday, December 19, 2014

رحلات محرمة - الرحالة هينريخ فون مالتزان


ولد الرحالة هينريخ فون مالتزان في المانيا عام ١٨٢٦ و درس القانون في هايدلبيرج

بسبب اعتلال صحته وهو في الخامسة و العشرين، قضى سنواته منذ عام ١٨٥٠ في الترحال و اظهر حبا للسفر و قدرة فائقة على الملاحظة 

عندما ورث من والده ثروة عام ١٨٥٢، وسع ميدان رحلاته فزار المغرب و مصر و فلسطين قبل ان يعود لبلاده عام ١٨٥٤

كان مالتزان قد التقى الرحالة البريطاني الشهير ريتشارد بيرتون  بعد عودته من الحج عام ١٨٥٣، وزار الجزائر بين عامي ١٨٥٦-١٨٥٧

تعلم مالتزان الدين الاسلامي و اتقن اللهجة المغربية و تشبع بروح الشرق و تولدت لديه روح قوية لزيارة مهد الاسلام 

نجح مالتزان عام ١٨٦٠ في القيام برحلة الى مكة للحج منتحلا صفة واسم حاج مغربي اسمه سيدي عبدالرحمن بن محمد السكيكيدي

كان مالتزان وقتها من بين ١٢ اوروبيا تمكنوا من دخول مكة، ولكنه نجا بحياته هربا من مكة الى جدة ولم يتمكن خلالها من زيارة المدينة المنورة

نجح في كتابة رحلته الى الحج في ٧٥٠ صفحة باسلوب قصصي مرح و ممتع و متنوع بعيدا كل البعد عن السياسة 

كان مالتزان ضجرا من الحياة في اوروبا و مخترعاتها و غضب عندما رأى القطار في الاسكندرية و كان يصفها من صنع الشيطان 

بدأ مالتزان استعداده لرحلة الحج عندما كان في زيارة للجزائر، التقى برجل من شمال افريقيا ممن يتعاطون الحشيش

ساعده في الحصول على جواز سفر فرنسي و كافأه مالتزان باعطائه مبلغا ماليا معتبرا يكفيه للتمتع بالحشيش ٦ اشهر

تظاهر باعتناق الاسلام و توجه من الجزائر الى مارسيليا ومنها الى مالطا و ابحر بعدها بباخرة الى الاسكندرية منتحلا اسما عربيا

خلال تواجده في مصر و حرصا على اخفاء شخصيته، تجنب الاحتكاك بالاوروبيين 

تعرف خلال تلك الفترة على شخص يدعى الشيخ مصطفى والذي كان متوجها الى الحج و رافقه طوال فترة الرحلة الى مكة 

غادر القاهرة عام ١٨٦٠ الى قنا و غادر بعدها الى ميناء القصير على البحر الاحمر و منها ابحر ليلا الى ينبع 

على غير العادة كان البحارة العرب يتجنبون الابحار ليلا لخطورة البحر الا انه وصل الى ينبع بسلام ومنها توجه الى جدة بحرا 

وصل مالتزان الى جدة في شهر رمضان، و بسبب جنسيته، قرر الجمارك ان يدفع ١٠٠ قرش 

كان صعبا على مالتزان اخفاء امواله عن اعين اللصوص، فتمكنوا لاحقا من سرقة ٥٠٠ قرش 

لزم مالتزان رفيقة مصطفى طوال فترة اقامته في جدة في غرفة واحدة، وزار خلال تواجده في جدة مقبرة امنا حواء 

غادر مالتزان الى مكة فكان وقت وصوله اليها وقت السحور، نزل مالتزان في بيت على سفح احدى تلال مكة الشمالية الغربية 

جلس في هذا البيت ٢٠ يوما وكان يسكن معه افغان. وكان قد وصل منهم عدد قليل بسبب المشاكل في بلادهم في تلك الفترة 

كان مالتزان مرتاحا لانه لم يرى بينهم حجاج من من شمال افريقيا، لانه كان يخاف ان ينكشف امره 

وصف مالتزان الصلاة كا يؤديها المسلمون وسجل رأيه في تعاطي الحشيش، كما تحدث عن نكاح المتعه الذي يبيحونه خلال تواجدهم في الحج 

وسجل مالتزان ما رآه من سكارى مدعيا انهم بنفس العدد من السكارى الموجود في بريطانيا و امريكا 

وصف مالتزان ازدحام الحجاج في المسجد الحرام و كانهم علب ساردين، وقال ان منظر الطائفين قوي في غرابته و حتى في رعبه 

قال ان في مكة يستوي الصحيح و المريض، الكل يصدح ب لبيك اللهم لبيك، هناك العديد ممن جثا على ركبتيه رافعين ايديهم امام الكعبة 

في الحرم، ينسى المسلم من حوله و ينسى حتى رفاقه، ولم يسيطر عليه الا ان يتأمل مشهدهم المقدس 

شاهد مالتزان الكعبة وقد جردت من ثوبها القديم ليكسوها الكسوة الجديدة

لم يحاول ان يدخل الى جوف الكعبة الا انه نجح في نسخ خط كوفي تبين لاحقا انها عبارة لا اله الا الله 

استمتع مالتزان بتنوع اعرق الناس في شوارع مكة و تبدل نهر البشر من لحظة لاخرى 

قارن مالتزان بين وضع مدن اوروبا الممل و منظر الحجاج في امواج متباينة من عدة جنسيات و اعراق متنوعة تتحرك بصعوبة في الشوارع

عند وصف الصفا و المروة وجد فيه منظرا لا يتكرر مثيله في العالم، حجاج بلباس الاحرام نصف عرايا وقد علاهم الغبار من طول السفر

رغم حرارة الشمس و تعبهم و المهم و انهاكهم، الا ان شعور الحماس كان يطغى عليهم صعودا و هبوطا وهم يرفعون اصواتهم بالدعاء 

عندما وصل مالتزان صعيد عرفة، كانت جنباته مضاءة بفوانيس صغيرة، وعلى مد البصر، لهب النار التي اشعلها الحجاج امام مخيماتهم 

عندما ارتفعت شمس يوم عرفة، تحرك صديقه مصطفى ليشارك في اعمال ذلك اليوم وليحمل لقب حاج، الا انه توفي بعدها بساعات 

دفن مصطفى على الفور، وكان من يموت في ذلك اليوم يحمل لقب شهيد. لم يكن يسمع في ذلك اليوم الا لبيك اللهم لبيك 

عند اقتراب زوال يوم عرفة، تتكاثر الحشود، تظاهر مالتزان بالتأثر فحمل منديلا ابيض و بدأ بمسح دموعه 

تدافع الحجاج نازلين من جبل الرحمة نحو بركة من الماء فتعثر كثيرون و سحقتهم الاقدام 

بعد النفرة من عرفة الى مزدلفة، تسبب قنديل في احراق احرامه فانقد ما يمكن انقاذه و اصبح ربع عريان 

بعد رمي جمرة العقبة، كان مالتزان متشوقا للعودة الى مكة ليأخذ حماما 

كان يرافق مالتزان دليله الذي يحاول ان يرفع من مكانته، فاطلق عليه لقب امير الجزائريين 

لما وصل مالتزان الى الحمام، وجد امامه عدد من الحجاج الجزائريين الذين سمعو دليله بناديه بامير الجزائريين  

لم يتعرف عليه الحجاج الجزائريين ثم بدأو يسألون دليله عنه الى ان استنتجوا انه لابد ان يكون مسيحيا متخفيا 

كان مالتزان يسترق السمع من هذا الحوار فكاد ان يتوقف قلبه عندما سمع كلمة مسيحي 

قبل ان يبلغ الجزائريون السلطان عنه، غادر مكة عن طريق ضواحيها متخليا عن لقبه و دليله، فاشترى حمارا و دليلا ينقله الى جدة 

كانت في ميناء جدة سفينة انجليزية، فحجز فيها مقعدا متجها الى بومباي 

ارسل مالتزان جواز سفره الفرنسي الى صديقه الحشاش في الجزائر الذي لم يصدق ان مالتزان قام برحلة للحج 

قضى مالتزان بقية حياته في الاسفار قبل ان يصاب بمرض عصبي سبب له آلاما مبرحة، و انتحر عام ١٨٧٤ ……… انتهى