Saturday, October 18, 2014

مكة.... تحت سيوف القرامطة


مكة.... تحت سيوف القرامطة
تنسب هذه الحركة الى رجل من اهل الكوفة يقال له حمدان قرمط. كان يميل الى الزهد فصادفه يوما في طريقه احد دعاة الإسماعيلية وهو الحسين الأهوازي. وكان ممن بعث بهم عبدالله بن ميمون القداح من سليمة الى الكوفة لنشر الدعوة بها. فاستدرج الداعي حمدان واتسغواه حتى استجاب لدعوته وصار اصلاً من اصول الدعوة الإسماعيلية الباطنية، ولما توفي الداعي الإسماعيلي تولى الأمر من بعده حمدان قرمط فأظهر نشاطاً في الدعوة و حماساً لها و استطاع ان يجمع حوله الكثير من الأتباع واتخذ مركزاً خارج الكوفة اسماه " دار الهجرة" جعلة مقراً لإتباعه و منطلقاً لدعوتهم. و كان يجبي الضرائب من اتباعه، و يغويي الضعفاء بمساعدتهم وبذل المال لهم وإشاعة المؤاخاة بينهم.

القرامطه ودورهم الخطير في التاريخ الإسلامي:
إن الفرس كان يوجد لديهم الحسد و الظغينة نحوا الإسلام و اهله منذ زوال ملكهم و مجدهم و إغتيال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه و الذي تم بيد ابي لؤلؤة المجوسي كان مظهرا لتلك العداو، و ان مذهب الباطنية كان نتاجا للفكر الفارسي لمحاربة الإسلام و المسلمين في عقر دارهم، وذلك عن طريق تقديم الآراء و الافكار التي تخالف الإسلام نصا و روحا حيث انهم لجأوا الى تأويل القرآن و سنن الرسول بما يفسد الإسلام. و ان الباطنية تعني ان كثيرا من آيات القران و كثيرا من الفرائض الإسلامية لها معنى ظاهر و معنى باطن، و الباطنية يظهرون امام العامة بالمظهر الإسلامي ولكنهم يستعملون الفكر الباطني امام خاصتهم، وعلى هذا فهم قوم يظهرون الإسلام ولكن عقائدهم و اتجاهاتهم الفكرية تخالف الإسلام في كل اسسه، فهم لا يعترفون بالخالق وهم يبطلون النبوة و ينكرون العبادات و البعث.

إن حركة القرامطة في جوهرها تنحدر من مذهب الباطنية بدليل وجود التشابه الكبير بينهما حول تفسير الإسلام, وكذلك جعلو حب علي وآل البيت ستاراً لأعمالهم الإجرامية مثل ما قامت به الحركات الباطنية الأخرى.

يقول الشيخ محمد ابو زهرة: إن الإسماعيلية و القرامطه من الشيعة الغلاة الذين خالط مذهبهم بعض آراء من عقائد الفرس القديمة و من الأفكار الهندية فانحرفوا تحت تأثير ذلك.

عقائد القرامطة:
كان القرامطة يرون ان للقرآن و السنة معنى ظاهراً و معنى باطناً، وقد راح القرامطة يتوسعون في هذا المعنى الباطن ويضيفون له الكثير مما يفسد الإسلام و المسلمين، وبهذا قالوا بحل الخمر وبأنه لا غسل مع الجنابة، وبأن الصلاة في اليوم اربع ركعات ركعتان قبل الشروق و ركعتان بعد الغروب، و ان الصوم يكون يومين في السنة يوم المهرجان و يوم النيروز. ثم حط زعيم القرامطة عن مريديه الصوم و الصلاة و جميع الفرائض و قال لهم هذا كله موضوع عنكم ومعرفة الإمام تغنيكم عن كل شيء. و يرى القرامطة ان دم و اموال مخالفيهم حلال.

اهداف القرامطة:
إن القرامطة كان هدفهم القضاء على الخلافة العباسية وذلك عن طريق مساعدة الفاطميين الذين كانوا يريدون تدمير سمعة العباسيين. ومن ثم نلاحظ ان الفاطميين كانوا يشجعون القرامطة في صراعهم ضد العباسيين و يشجعونهم في حركاتهم المدمرة في المناطق المختلفة في الجزيرة العربية، وكان اهداف الفاطميين من ذلك ان يشغلوا العباسيين حتى يكونوا دولتهم في الشمال الإفريقي وفي مصر و الشام، والخلافة العباسية في شغل شاغل عنهم.

إن التأييد و المساعدة التي قام بها الفاطميون للقرامطة كانت تقوم على المصالح المشتركة بينهما، لأن كلاهما ينبع من اصل واحد وهي الباطنية االتي تعمل جاهدة على تمزيق الامة الإسلامية، ولذلك نلاحظ انهم قاموا بتركيز جهودهم لتحقيق هدفهم المعين وهو القضاء على الخلافة العباسية التي كانت رمزاً للإسلام و المسلمين.

الأعمال الإجرامية التي قام بها القرامطة:
إن القرامطة قاموا بأعمال رهيبة في سبيل تحقيق اهدافهم التي تـقـشعر منها القلوب، وقد ذكر لنا المؤرخون بعض اعمال القرامطة التي قاموا بها تحت قيادة ابي طاهر سليمان بخصوص هجومهم على مكة حيث انهم قتلوا نحوا ثلاثة آلاف من الحجاج غير الذين ماتوا من الجوع وغير من وقع اسيراً، وكان من بيت الأسرى: الأزهري اللغوي العالم المشهور وقد غنم ابو طاهر ملايين الدنانير إذ ذاك وارسل جزءاً منها الى الإمام الشيعي وانفق الباقي على اتباعه، وقد هاجم القرامطة مكة مرة اخرى ودخلها ابو طاهر واصحابه يقتلون اهلها ومن كان فيها من الحجاج حتى من تعلق فيها باستار الكعبة وهدم زمزم وفرش بالقتلى المسجد، واقام ابو طاهر بمكة ستة ايام وهو يحرض اصحابه على القتل ويتنقل من مكان الى مكان ويقول (( اجهزوا على الكفار وعبدة الأحجار )). 

وجاء في (( تاريخ اخبار القرامطة )) عن الفضائع التيي ارتكبها زكرويه مع الحجاج رجالاً ونسائاً و اطفالاً حييث انه كان يسد الآبار بجيف القتلى حيث يموت الحجاج عطشاً وكان بعد المعرك يأمر نساء القرامطة ان يدرن بالماء بين الجرحى ليتعرفن بذلك على الجرحى الذين لم يموتوا بعد قتلهم.

ورد في نفس الكتاب عن بربرية القرامطة التي قاموا بها ضد المسلمين الأبرياء (( إن القرامطة دخلوا حماة و معرة النعمان وغيرها فقتلوا اهلها وقتلوا النساء و الأطفال ودخلوا بعلبك فقتلوا اهلها ولم يبقوا منها إلا القليل وصالح اهل سليمة زعيم القرامطة بعد ان أمنهم، فلما دخلها قتل جميع من فيها من بني هاشم ولم يبقى منهم احداً وقتل النساء و الصبيان و الفقهاء و الشيوخ و البهائم فخرج القرامطة منها وليس بها عين تطرفن ودخلوا في القرى المجاورة يسلبون و يقتلون و ينهبون و يأتون المنكرات مالا عين رأت ولا اذن سمعت)).

إن الروايات الموضحة تشير إلى بربرية القرامطة والتي بلغت ذروتها ضد الأمة الإسلامية وذلك لتحقيق اهدافهم المرسومة من قبل اسيادهم اليهود.

وفي رواية اخرى من احدى الكتب:

ورغم الإختلاف حول هوية حمدان قرمط و الداعي الإسماعيلي الذي اغواه، فإن الحركة انتشرت من سواد الكوفة حت اصبحت في اواخر القرن الثالث هجري خطراً يتهدد الخلافة و ينشر الرعب و الفزع في نفوس الناس، وقد هاجم القرامطة البصرة و الكوفة و نواحي الشام و انتشروا في اليمن و نواحي البحرين و القطيف، و استطاعوا ان يؤسسوا دولة في البحرين بقيادة ابي سعيد الجنابي، ودخلوا في مواجهة مع جيوش الخلافة العباسية و هزموها في عدة مواقع، واكثروا النهب و القتل و السلب للمسلمين، خاصة في مواسم الحج، حيث كانوا يهاجمون قوافل الحجيج و يفتكون بها، وبلغوا ذروة نشاطهم عام 317هـ، حيث دخلوا مكة تحت إمرة ابي طاهر سليمان بن سعيد الجنابي و قتلوا الحجيج و ردموا بجثثهم بئر زمزم وهدموا الكعبة و نزعوا الحجر الأسود وحملوه الى عاصمتهم "هجر" حيث ظل لديهم بضعة و عشرين عاماً ولم يرد الى الكعبة إلا عام 339هـ. و يقول ابن كثير عن احداث تلك الفترة: حج بالناس في هذه السنة (317هـ) منصور الديليمي، و سار بهم من بغداد الى مكة، فسلموا في الطريق، فوافاهم ابو طاهر القرمطي بمكة يوم التروية، فنهب اموالهم، و استباح قتالهم، فقتل في رحاب مكة و شعابها، وفي المسجد الحرام، وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقاً كثيراً، وجلس اميرهم ابو طاهر، لعنه الله، على باب الكعبة، و الرجال تصرع حوله، و السيف تعمل في الناس في المسجد الحرام في الشهر الحرام يوم التروية الذي هو من اشرف الأيام وهو يقول:

انـــا الله وبــا لله انــا
يخلق الخلق و افنيهم انا

فكان الناس يفرون منهم، فيتعلقون باسوار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئاً، بل يقتلون وهم كذلك، ويطوفون فيقتلون في الطواف، وقد كان بعض اهل الحديث يومئذ يطوف فلما قضى طوافه اخذته السيوف.

فلما قضى القرمطي، لعنه الله، امره وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة، امر ان تدفن القتلى في بئر زمزم، ودفن كثير منهم في اماكن من الحرم وفي المسجد الحرام، ولم يغسلوا ولم يكفنوا اي احد ولم يصل عليهم لأنهم مُـحرمون. وهدم قبة زمزم، وامر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها وشقها بين اصحابه، وامر رجلاً ان يصعد الى ميزاب الكعبة فيقتلعة، فسقط على ام رأسه فمات الى النار. ثم امر بان يقلع الحجر الأسود فجاء رجل فضربه بمثقل وقال: اين الأبابيل، لين الحجارة من سجيل. واخذوه و راحوا به الى بلادهم فمكث عندهم 22 سنة. وقد حاول القرامطة بهجومهم على الكعبة ان يبطلوا فريضة الحج، و يروى ان قائدهم كان ينشد وهو يشاهد انصاره يهدمون الكعبة:

ولو كان هذا البيت لله ربنا
لصب علينا النار من فوقنا صباً

لأننا حججنا حجة جاهليةً
محللة لم تبق شرقاً ولا غرباً

وإنا تركنا بين زمزم و الصفا
جنائز لا تبقي سوى ربها ربا

ولكن رب العرش جل جلاله
لم يتخذ يتخذ بيتا ولم يتخذ حجبا

وقد استمر نشاط القرامطة في البحرين لفترة طويلة حتى ضعف امرهم و انتهت دولتهم عام 470هـ.

جمعتها لكم من عدة مصادر، اسأل الله ان ينفعنا و إياكم



المراجع:

1- من سواد الكوفة، الى البحرين ( القرامطة من فكرة إلى دولة ) للكاتبة مي محمد الخليفة
2- دراسة عن الفرق و تاريخ المسلمين ( الخوارج و الشيعة ) 
للكاتب د. أحمد محمد أحمد جلي
3- و تموت الفتنة ( إعداد جريدة الندوة ) 
** وهذا الكتاب نادر الوجود، يتكلم عن فتنة الحرم المكي عام 1400 هـ و التي كان جهيمان و القحطاني احد اضلاعها.
AnaJEDDAWI

No comments:

Post a Comment